يمكن أن يدرس المذهب الفلسفي، كما يدرس الكائن الحي، بطريقتين مختلفتين:الأولى: طولية تاريخية تتبعه منذ نشأته الأولى وتنتهي به إلى لحظة الدراسة. أما الطريقة الثانية: فهي عرضية تتناول مفاهيمه، وأسسه، وأهم أفكار، تماما كما يفعل عالم النبات حين يتناول شريحة عرضية للنبات لكي يدرس ما تتألف منه من خلايا وأنسجة. ولقد اتبع مؤلف كتابنا الحا...
قراءة الكل
يمكن أن يدرس المذهب الفلسفي، كما يدرس الكائن الحي، بطريقتين مختلفتين:الأولى: طولية تاريخية تتبعه منذ نشأته الأولى وتنتهي به إلى لحظة الدراسة. أما الطريقة الثانية: فهي عرضية تتناول مفاهيمه، وأسسه، وأهم أفكار، تماما كما يفعل عالم النبات حين يتناول شريحة عرضية للنبات لكي يدرس ما تتألف منه من خلايا وأنسجة. ولقد اتبع مؤلف كتابنا الحالي الطريقة الثانية في الكتابة عن الوجودية فتناول أسلوبها في التفلسف، والموضوعات المتكررة عند الوجوديين..الخ. وهو مع ذلك لم يغفل الخلفية التاريخية فتتبع، في فصل مستقل، الخيوط الأولى ابتداء من الفلسفة القديمة مارا بالعصور الوسطى والحديثة حتى يصل بها القرنين التاسع عشر والعشرين.غير أم المؤلف يركز، في ثلاثة عشر فصلاً، تركيزا خاصا، على المفاهيم الوجودية الشهيرة: كالحرية، والقرار، والمسئولية، والاختيار، والوجود والماهية، والتناهي والموت، والزمانية والذنب، والوجود مع الآخرين، والعلاقات بين الأشخاص والمشاعر ..الخ. لكنه يعالج كذلك موضوعات جديدة مثل: نظرية المعرفة عند الوجودية، والفكر واللغة، والتاريخ والمجتمع، والوجودية بوصفها وسيلة للنقد الاجتماعي والسياسي، وتأثير الوجودية في العلوم والفنون المختلفة ..الخ.وهذه المعالجة تجعل الكتاب جديداً في المكتبة العربية، فليس هناك على ما أعلم، كتاب يعالج الوجودية من هذا المنظور في اللغة العربية (بل هو نادر في اللغات الأجنبية كما يقول المؤلف نفسه في تصديره للكتاب). رغم أن هناك العديد من الكتب العربية، مؤلفة أو مترجمة، تتناول الوجودية بالدراسة التاريخية ابتداء من كيركجور حتى سارتر.