عشرة أيام هزت العالم

هذا الكتاب نبذة مكثفة من التاريخ، التاريخ كما شاهدته. وهو لا يدعى بأكثر من أن يكون تقريرًا مسهبًا عن ثورة نوفمبر، حين قام البلاشفة على رأس العمال والجنود بالاستيلاء على سلطة الدولة في روسيا ووضعوها في يد السوفييتات.وإني لأجد نفسي مضطرًا في هذا الكتاب، الأول من مجموعة كتب أقوم بتأليفها، إلى الاقتصار على تسجيل الأحداث التي شهدتها وعايشتها شخصيًا أو التي أكدها شهود موثوق بهم؛ والفصلان الأولان منه يصوران باقتضاب الظرف الذي جرت فيه ثورة نوفمبر وأسبابها. وإني لأدرك أن قراءة هذين الفصلين ليست سهلة، ولكنهما جوهريان لفهم ما يلي ذلك.وطبيعي أن ستتبادر للقارئ أسئلة كثيرة. ما هي البلشفية؟ وأي نوع من النظام السياسي أقام البلاشفة؟ وما دام البلاشفة قد ناضلوا قبل ثورة نوفمبر في سبيل الجمعية التأسيسية، فلماذا فضوها فيما يعد بقوة السلاح؟ وما دامت البرجوازية، بعد أن بات الخطر البلشفي جليًا، قد وقفت ضد الجمعية التأسيسية، فلماذا أصبحت فيما بعد حاملة لوائها؟لا يمكن إعطاء الجواب هنا على هذه الأسئلة وكثير غيرها. فأنا أتتبع سير الثورة، حتى عقد الصلح مع ألمانيا.جدير بالذكر أنه لم تكن عواطفي على الحياد أثناء الصراع. ولكني حاولت، وأنا أصف تاريخ تلك الأيام العظام، أن أنظر إلى الأحداث بعين الراوية الأمين المهتم بتسجيل الحقيقة.تعد الثورة المصرية التي تفجرت في 25 يناير 2011 موجة جديدة ورائعة من موجات ثوراتنا الوطنية من أجل الحرية والديمقراطية والعدالة الإجتماعية،ولما كان تاريخنا الوطني الحديث والمعاصر قد مر بثورات وطنية ضد النفوذ الجنبي والاستعمار والاستغلال والاستبداد لذا فقد أردنا أن نقدم هذهالإصدارات- غير الدورية- التي تعالج قضايا النهضة والثورة والحرية والعدالة، سواء عن مصر أو غيرها من تجارب الأمم الأخرى، خاصة ونحن على أعتاب مرحلة جديدة من تاريخنا الوطني، لتخاطب بها عقول الشباب وعامة المثقفين،ولتصلهم بتراث الفكر المصري الحديث والمعاصر، والتراث العالمي على حد سواء.