يعرض هذا العدد لثلاث مقالات مختارة نشرت في بعض الدوريات العالمية، تبحث جميعها في مستقبل القوة والقيادة الأمريكية للعالم. في المقالة الأولى، بعنوان "مستقبل القوة الأمريكية"، يرى جوزيف ناي أن القوة في يومنا هذا موزعة بنمط يشبه لعبة شطرنج معقدة ثلاثية الأبعاد؛ فعلى رقعة الشطرنج العليا، نجد القوة العسكرية الأحادية القطب إلى حد كبير،...
قراءة الكل
يعرض هذا العدد لثلاث مقالات مختارة نشرت في بعض الدوريات العالمية، تبحث جميعها في مستقبل القوة والقيادة الأمريكية للعالم. في المقالة الأولى، بعنوان "مستقبل القوة الأمريكية"، يرى جوزيف ناي أن القوة في يومنا هذا موزعة بنمط يشبه لعبة شطرنج معقدة ثلاثية الأبعاد؛ فعلى رقعة الشطرنج العليا، نجد القوة العسكرية الأحادية القطب إلى حد كبير، ومن المحتمل أن تحتفظ الولايات المتحدة بتفوقها بعض الوقت، أما على رقعة الشطرنج الوسطى، فقد ظلت القوة الاقتصادية المتعددة الأقطاب أكثر من عقد، واللاعبون الرئيسيون، هم: الولايات المتحدة وأوروبا واليابان والصين، إلى جانب آخرين لهم أهمية آخذة في التزايد، وأما رقعة الشطرنج السفلى، فهي مجال العلاقات العابرة للحدود الوطنية، وتشمل أطرافاً فاعلين ليسوا دولاً؛ كالمصرفيين الذين يحولون الأموال إلكترونياً، والإرهابيين الذين يتاجرون في الأسلحة، والقراصنة الذين يهددون الأمن الإلكتروني، والتحديات التي هي؛ من قبيل: الأوبئة وتغير المناخ. وعلى هذه الرقعة السفلى، نجد القوة منتشرة على نطاق واسع، بحيث يغدو من غير المعقول التحدث عن الأحادية القطبية أو تعدد القطبية أو السيطرة.ويخلص جوزيف ناي إلى أن الولايات المتحدة ستواصل المحافظة على أهميتها في الشؤون العالمية، وأن ما يُتداول سواء حول كون القرن الحادي والعشرين هو قرن التفوق الأمريكي، أو حول كونه قرن الاضمحلال الأمريكي، هو آراء مضللة، وعلى صناع القرار وواضعي الاستراتيجيات خلال هذا القرن الحذر منها، وأن من غير المحتمل أن تشهد العقود المقبلة ظهور "عالم ما بعد أمريكا"، ولكن الولايات المتحدة ستحتاج إلى استراتيجية ذكية تجمع بين موارد القوة الخشنة والقوة الناعمة وتؤكد التحالفات والشبكات التي تستجيب للسياق الجديد؛ سياق عصر المعلومات العالمي.وفي المقالة الثانية بعنوان "القيادة عبر القوة المدنية: إعادة تعريف الدبلوماسية والتنمية الأمريكيتين"، تؤكد وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلنتون، أن عالم اليوم يمثل اختباراً للتحديات التي تواجهها القيادة الأمريكية؛ فالمشكلات والتحديات العالمية، بدءاً من أعمال العنف والتطرف، مروراً بالكساد العالمي والتغير المناخي، وانتهاء بالفقر؛ تتطلب كلها حلولاً جماعية، ولاسيما أن القوة في العالم أصبحت أكثر توزيعاً وانتشاراً. إن هذه التحديات تتطلب تعاوناً دولياً فعالاً أصبح تحقيقه أصعب من ذي قبل. وليس في الإمكان حل هذه المشكلات ما لم تكن هناك أُمّة راغبة في تحمل مسؤولية حشد الجهود؛ وهذه الأمة هي الولايات المتحدة الأمريكية.وفي المقالة الثالثة والأخيرة حول "أمريكا بعد العراق"، يخلص كل من تيم دون وكليجدا مولاج إلى أن إدارة بوش تـصرفت كما لو أن النظام الدولي المتعدد الأطراف قد أضحى قيداً غير معقول على قدرتها على تشكيل الأنظمة. وأن الاستراتيجية الأمريكية بعد 9/11 تحولت من استراتيجية قوةٍ كاسحةٍ مسيطرة تميل إلى التلاعب بالقواعد، إلى استراتيجية قوةٍ إمبريالية تعد القواعد والمؤسسات في النظام الأممي بالية وعديمة الأهمية. وأن التنافس المستقبلي والقوى الصاعدة أو حول الطاقة والأمن؛ سيعني التلاشي التدريجي للقواعد التي قام عليها نظام ما بعد عام 1945. وستواصل أمريكا مطالبتها بحقوق استثنائية في انتهاك سيادة الآخرين، بالشكل الذي يليق بدور الدولة المسيطرة، بينما سيتناقص صبر أعضاء المجتمع الدولي الآخرين على الاستثنائية غير المنطقية باسم الأمن القومي، على حين تتسم الاستجابات للفظائع المرتكبة ضد الإنسانية وتحدي تغير المناخ بتراخٍ غير مسبوق.