عام سعيدأهم خطوة في حياتكفي الحقيقة كل إنسان يَنشُد الحياة السعيدة المليئة بالمُتعة والنجاح، وقد يَدفع في سبيل بلوغ ذلك كل نفيس.ولكن هل كل السبُل تؤدي إلى السعادة؟ أم لا بدَّ أن نبحَث عن طريق صحيح يُوصِّلنا إلى السعادة الحقَّة؟ ثم ما هي السعادة؟ هل السعادة تتمثَّل في المظاهر البراقة والدنانير الرنانة؟ أم هي في الجرْي وراء تقليد ...
قراءة الكل
عام سعيدأهم خطوة في حياتكفي الحقيقة كل إنسان يَنشُد الحياة السعيدة المليئة بالمُتعة والنجاح، وقد يَدفع في سبيل بلوغ ذلك كل نفيس.ولكن هل كل السبُل تؤدي إلى السعادة؟ أم لا بدَّ أن نبحَث عن طريق صحيح يُوصِّلنا إلى السعادة الحقَّة؟ ثم ما هي السعادة؟ هل السعادة تتمثَّل في المظاهر البراقة والدنانير الرنانة؟ أم هي في الجرْي وراء تقليد غيرنا جريًا قد يُتعبنا تعبًا شديدًا، دون أن نُدرك الركب السعيد الذي نتوهَّمه؟ وغالبًا ما نبحث عن السعادة وفي حقيقة الأمر هي قريبة مِنَّا، كما نبحث في كثير مِن الأحيان عن النظّارة وهي فوق عُيونِنا، ولهذا يا أخي الكريم؛ السعادة في بيتِك، فلا تبحث عنها في بُيوت الغرباء.لا تبحث عنها في ليلة صاخبة مليئة بالخمور والمعاصي ورفقاء السوء، وأريد أن أسألك بكل صراحة: هل السعادة في معصية الله والبُعد عنه؟ يقول مصطفى لطفي المنفلوطي: "حسبُك مِن السعادة، ضمير نقيٌّ، ونفْس هادئة، وقلب شريف".ما أجمل هذه الكلمات وأنقاها!وعلى هذا فالسعادة ليسَت حالةً يَجب الوصول إليها، ولكنها سلوك يجب اتِّباعه... إذا أردتَ أن تكون سعيدًا وأن تجعل الحياة سهلة، حاول أن تَستمتِع بكل الأمور، حتى أصعبها.- هل أنت غير سعيد أو غير مرتاح؟! إن الحياة - يا صديقي - كالفِراش، إذا أحسستَ أنه غير مريح فخير ما تفعله هو أن تنهَض وتُعيد ترتيبه؛ يقول أبو حامد الغزالي: "السعادة كلها في أن يَملك الرجل نفسه، والشقاوة كلها في أن تملكَه نفسه". أولاً: الإصرار سرُّ السعادة: تأمل في حياة هذا الإنسان الذي فشل في الأعمال الحرة عندما كان عمره 21 عامًا، ثم خَسر في الانتخابات عندما كان عمره 32 عامًا، وفشل مرة أخرى في الأعمال الحرة عندما كان عمره 34 عامًا،وتوفِّيَت خطيبته عندما كان عمره 35 عامًا، وأصيب بانهيار عصبي عندما أصبَح في 36 عامًا من عمره، ثم خسر الانتخابات وعمره 38 عامًا، وخسر انتخابات الكونغرس حين كان عمره 43 عامًا، وخسر مرة أخرى عندما كان عمره 46 عامًا، ثم خسر سباقًا للفوز بلقب سيناتور، وفشل في أن يكون نائبًا للرئيس، وفي النهاية بعد هذا الصبر والإصرار، وعندما أصبح عمره 52 عامًا، أصبح رئيسًا للولايات المتحدة الأمريكية؛ إنه: إبراهام لنكولن. ثانيًا: اعتنِ بدينِك: إذا كنت تحبُّ السرور في الحياة فاعتنِ بصحتك، وإذا كنتَ تُحبُّ السعادة في الحياة فاعتنِ بخلُقك، وإذا كنت تحبُّ الخلود في الحياة فاعتنِ بعقلك، وإذا كنت تحبُّ ذلك كله فاعتنِ بدينك. ثالثًا: عِش بالأمل؛ هذا مبعث الأمل، وهذا هو السرُّ: الاعتصام بالإله البر الرؤوف الرحيم العزيز الكريم الفعّال لما يُريد، يعيش المؤمن على أمل لا حد له، ورجاء لا تَنفصِم عُراه، إنه دائمًا مُتفائل، ينظر إلى الحياة بوجه غير الذي يَنظر إليها به الكافر.رابعًا: اغتنم وقتك؛ قال الحسن البصري: "أدركت أقوامًا كانوا على أوقاتهم أشدَّ منكم حرصًا على دراهمكم ودنانيركم"، قال ابن مسعود - رضي الله عنه -: "ما ندمتُ على شيء ندَمي على يوم غربت شمسه، نقص فيه أجلي، ولم يَزِد فيه عملي". الوقت هو في الواقع رأس المال لأي إنسان، والشيء الوحيد الذي لا يستطيع أن يخسره، الوقت أثمن من المال؛ يُمكِنك الحصول على المزيد مِن المال، ولكن لا يُمكنك الحصول على المزيد مِن الوقت...نصيحة مِن ذهبعندما مرض الروائي غابرييل غارسيا ماركيز مرضًا أقعده الفراش كتَب هذه الوصية إلى أهله وأصدقائه، وهي خلاصة تجربته وفَهمِه للحياة: "إن الغد ليس مضمونًا لا للشاب ولا للمُسنِّ... ربماتكون في هذا اليوم المرة الأخيرة التي ترى فيها أولئك الذين تحبُّهم؛ فلا تَنتظِر أكثر، تصرَّف اليوم لأن الغد قد لا يأتي، ولا بد أن تندم على اليوم الذي لم تجد فيه الوقت مِن أجل ابتسامة، أو عِناق، أو قُبلة، أو أنك كنت مشغولاً؛ كي تُرسل لهم أمنية أخيرة... حافظ بقُربِك على مَن تحب، اهمِس في أُذنِهم أنك بحاجة إليهم، أحببهم واعتنِ بهم، وخذ ما يَكفي من الوقت لتقول لهم عبارات مثل: أفهمكَ، سامِحْني، مِن فضلك، شُكرًا، وكل كلمات الحب التي تَعرِفها"، في ختام هذه الكلمة التي أردتُ أن أُبيِّن فيها طريق السعادة والمتمثِّل فيما ذكرناه سابقًا، ما بقي لي إلا أن أسوق إليك هذه العبارات المعبرة عن مصدر السعادة الحقَّة التي لن يدركها إلا مَن ذاقها، وعاش بها؛ بل استنشق عبَقها وهواها، هذه الكلمات هي أن مصدر السعادة هو الإيمان الذي يُنوِّر طريقنا ودربنا، ومِن هنا؛ فإن المؤمن يؤمن بأن هناك إلهًا رحيمًا قديرًا يُجيب المضطر إذا دعاه، ويكشف السوء، ويمنَح الجزيل، ويَغفِر الذنوب، ويقبَل التوبة، ويَعفو عن السيئات، أرحم مِن الوالدة بولدها، وأبرُّ بخلقِه مِنأنفسهم، يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويَبسُط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، يفرح بتوبة عبده أشد من فرحة الحائر إذا وجد ضالته، والغائب إذا وفَد، والظمآن إذا ورد، إلهًا يجزي الحسنة بعشرة أمثالها إلى سبعمائة ضِعْف ويَزيد، ويجزي السيئة بمثلها أو يعفو، إلهًا يدعو المعرض عنه من قريب، ويتلقى المقبل عليه من بعيد، ويقول: ((أنا عند ظنِّ عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني؛ وإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم، وإن تقرب إليَّ شِبرًا تقربت إليه ذراعًا، وإن تقرَّب إليَّ ذراعًا تقرَّبت إليه باعًا، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة))، إلهًا يُداوِل الأيام بين الناس، فيبدل مِن بعد الخوف أمنًا، ومِن بعد الضعف قوة، ويَجعل مِن كل ضيق فرجًا، ومِن كل همٍّ مخرجًا، ومع كل عُسر يسرًا.