لا خلاف العلاقة القائمة بين الأنظمة اللسانية تشبه تماماً تلك العلاقات التي تربط الأمم والشعوب ببعضها، فالأمم والشعوب الأكثر نشاطاً في السوق العالمية هي التي تصدر أكبر قدر ممكن من منتجاتها الاقتصادية مصنعة أكثر منها طبيعية أولية لتدخل عبقرية أفرادها في تكوين بنيتها، ومن ثمة تزداد قيمة عملتها في السوق النقدية العالمية، فتكون العلا...
قراءة الكل
لا خلاف العلاقة القائمة بين الأنظمة اللسانية تشبه تماماً تلك العلاقات التي تربط الأمم والشعوب ببعضها، فالأمم والشعوب الأكثر نشاطاً في السوق العالمية هي التي تصدر أكبر قدر ممكن من منتجاتها الاقتصادية مصنعة أكثر منها طبيعية أولية لتدخل عبقرية أفرادها في تكوين بنيتها، ومن ثمة تزداد قيمة عملتها في السوق النقدية العالمية، فتكون العلاقة قائمة على أساس أطرادي.والمنتجات المصدرة تختلف ذاتها من حيث القيمة والعائد، فكلما كانت فيها المسحة الفنية، ولمسة عبقرية الإنسان، أكبرتها عين المستهلك، وزاد عليها الطلب، واتسع مجال انتشارها في أرجاء المعمورة، بينما نجد الإقبال على الطبيعي يكاد يكون وليد حاجة الإنسان، وضرورة لا مفر منها.وهذه الفكرة قديمة قدم مجيء الإنسان إلى هذه الحياة، فالفن الإنزياحي العدولي الذي تدخل فيه ثقافة المبدع، وعبقريته الخاصة، وذكاؤه المنتج لهذا الفن يستهوي العقل البشري، والحس الجميل من أبسط قارئ إلى النخبة المفرزة لهذا الإنتاج الفني والعمل الإبداعي، لأن المسألة على صلة بالإبداع الفني الخارج عن المألوف الذي تعودت عليه حواس الإنسان منذ نعومة أظافره.ولهذا ستركز هذه الدراسة على ما له علاقة بالتواصل اللساني وله وجود في نظرية جاكبسون، مستهلة ذلك بأسرار الانعطاف المنهجي في مساره الفكري الذي تحول بموجبه من تاريخ الأدب إلى اللسانيات ويمنحها في محاكمة علمية حول اللسانيات والشعرية بمونتريال توصية صارت وفقها اللسانيات هي الوريث الشرعي للشعريات ما دامت منتجاتها في إطار المسننات اللسانية، وهي حاملها المادي الوحيد.وتناول الفصل الثاني من الدراسة الخلفية المعرفية التي انطلق منها جاكبسون أثناء هندسة البناء الكلي للتواصل اللساني الممكن داخل الأنظمة التواصلية البشرية ذات الطبيعة اللفظية، وليس من باب الحصر ركز على العملية التواصلية عند (فردينان دو سوسير، والنموذج التقليدي عند كارل بوهلر.وخصص الفصل الثالث للعوامل التي تكتنف كل عملية تواصلية لفظية، وحدد الفصل الرابع الوظائف الناجمة عن هذه العوامل، وكيفية ممارسة وجودها الفعلي، وهيمنتها على الخطاب كلما ركزت العملية التواصلية على عامل من عواملها.ولما كان إلحاح جاكبسون على رفضه القاطع لغياب الشعرية في كل الرسائل اللفظية، على اختلاف قوة حضورها ودرجة هيمنتها فقد تم تحصيل مقولات التوازي التي تعطي للشعرية حضوراً في كل تواصل لفظي كيفما كانت أشكاله التعبيرية.