الدين في أذهان الكثيرين من الناس اليوم هو عبارة عن كل ما يصدم العقل ويتنافى مع الحكمة، وهو فوق ذلك أمر شخصي غايته تنظيم علاقة الفرد بخالقه. وترسخت هذه الصورة في أذهان الناس من خلال اضطلاعهم على تاريخ الكنيسة وسجلها الطافح بصفحات بغيضة من اضطهاد العلم والعلماء، وبطريق التداعي أسيء فهم الإسلام لكونه ديناً، ولم يقتصر سوء الفهم هذا ...
قراءة الكل
الدين في أذهان الكثيرين من الناس اليوم هو عبارة عن كل ما يصدم العقل ويتنافى مع الحكمة، وهو فوق ذلك أمر شخصي غايته تنظيم علاقة الفرد بخالقه. وترسخت هذه الصورة في أذهان الناس من خلال اضطلاعهم على تاريخ الكنيسة وسجلها الطافح بصفحات بغيضة من اضطهاد العلم والعلماء، وبطريق التداعي أسيء فهم الإسلام لكونه ديناً، ولم يقتصر سوء الفهم هذا على الأجانب بل شمل كثيراً من أبناء المسلمين الذين لم يدرسوه دراسة واعية، ولم يعرفوا حقيقته، الأمر الذي استلزم أن يقعوا في أخطاء ما كان لهم أن يقعوا فيها لولا سوء الفهم هذا.وكان في مقدمة هذه الأخطاء وأخطرها: محاولة حصر الإسلام في المسجد بإبعاده عن الحياة وتنظيمها، وما ذلك إلا نتيجة سيادة وسيطرة الفكر العربي المعتبر بالتجارب الأوروبية والذي كاد يطبق على العالم بفعل الغلبة الحضارية والسياسية للبلدان الأوروبية، لا سيما وأن العالم الإسلامي ذاته قد غشى واقعه الجمود ونشأت فيه أحوال وأطوار تأثرت بتاريخ أوروبا فأفضت إلى فسوق الحياة العامة من الدين. وبما أن الإسلام في حقيقته يختلف اختلافاً بيناً عن النصرانية في ثوبها الكنسي الكهنوتي كان من الواجب بيان حقيقته كما أنزله الله تعالى. والكشف عن معالمه وأهدافه وذلك لفضح المخطط الفكري الصليبي الصهيوني الذي يهدف إلى تغييب الدين الإسلامي وفصله عن الدولة وأنظمتها في هذا الإطار جاء هذا الكتاب الذي يحتوي بين طياته دراسة علمية تعتمد النصوص الصادقة والوقائع التاريخية الصحيحة كأساس لتأكيد على أنه لا يوجد شيئ اسمه الفصل بين الدين والسياسة، وأن القائلين بهذا الفصل لا يفهمون القيم التي قامت المجتمعات المثالية، كما ويؤكد الباحث على أن الإسلام قد وسع أصول الحكم التي إذا ما أتبعت بحذافيرها لن تقع الدولة بأية مشاكل سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية.ولإحاطة المؤلف بجميع جوانب بحثه عنى بتقسيم دراسته إلى مقدمة وتمهيد وثلاثة أبواب تحدث فيها عن ما يلي: المقدمة تضمنت أهمية الموضوع وأسباب اختيار المؤلف له. أما التمهيد فاشتمل على دراسة لأحوال الدولة العثمانية وما كانت تعانيه من تخلف في شتى نواحي الحياة السياسية والعلمية والثقافية... على اعتبار أن هذه الحالة هي الأرضية التي مهدت لظهور القضية. هذا وقد خصص الباب الأول للبحث في أصول القضية بين أوروبا والعالم الإسلامي... أما الباب الثاني فأفرد لدراسة القضية على الصعيد الفكري (الاستشراق والتبشير، النقل والمحاكاة، النقض والرد). أما الباب الثالث والأخير فعنى بمعالجة القضية على الصعيد السياسي والتطبيقي…