في رواية "بنت من شاتيلا" 2019، يواصل أكرم مسلّم مشروعه الروائيّ، الّذي أخذ طريقه اللافت إلى العالميّة، متسلّحًا برواياته المدهشة: "هواجس الإسكندر" (2003)، و"سيرة العقرب الّذي يتصبّب عرقًا" (2008)، و"التبس الأمر على اللقلق" (2013). وفي "تحيّة أولى"، نُشرت في "أيّام الثقافة" (18/ 6/ 2019)، أُشير إلى سمة المنازَلة، الّتي تنقد بها ا...
قراءة الكل
في رواية "بنت من شاتيلا" 2019، يواصل أكرم مسلّم مشروعه الروائيّ، الّذي أخذ طريقه اللافت إلى العالميّة، متسلّحًا برواياته المدهشة: "هواجس الإسكندر" (2003)، و"سيرة العقرب الّذي يتصبّب عرقًا" (2008)، و"التبس الأمر على اللقلق" (2013). وفي "تحيّة أولى"، نُشرت في "أيّام الثقافة" (18/ 6/ 2019)، أُشير إلى سمة المنازَلة، الّتي تنقد بها الرواية الجديدة الكيفيّة الّتي صاغ بها الفلسطينيّون خطاباتهم السياسيّة والأخلاقيّة والجماليّة؛ وهذا ما سيمكّنها من تشكيل علامة فارقة في تاريخ الثقافة الفلسطينيّة، بما اشتملت عليه من نحوٍ جديد في السرد، يحاور المقولات الكبرى في التاريخ الفلسطينيّ الخاصّ، ويتحدّى المقولات ذات العلاقة في مرآة التاريخ العالميّ العامّ.أمّا هذه المقالة فقراءة تنافذيّة للبنية الفوقيّة للنصّ، في ما يتعلّق بموقعيّة الضحيّة، الّتي تعلن الرواية دون مواربة أنّه ينبغي ألّا تتحمّل المسؤوليّة التاريخيّة للخطايا الاستعماريّة، ولا أن تقدّم معونة أخلاقيّة لجلّاديها، حتّى وإن صادف أن كانوا "ناجين" من مظلمة تاريخيّة أخرى. فالبنت من شاتيلا "لا شيء في رأيها اسمه ضحايا الضحايا؛ الضحايا ضحايا فقط، لا علاقة لهم بمن اختطف جثثهم وأسماءهم. يجب عدم الخلط بين الضحايا والناجين، قد يتحوّل الناجون إلى قتلة، ثمّة ضحايا للناجين، هذا صحيح تمامًا. المجزرة ببساطةٍ هويّة بحدّ ذاتها، أمّا الناجون فخياراتهم هي الّتي تحدّد هويّتهم" (ص 141)؛ وعليه، تستعرض هذه المقالة الخطّ الحكائيّ للرواية وإطارها التاريخيّ، ومن ثَمّ تستجوبها، تنافذيًّا، مع المقولات الفلسطينيّة المؤسّسة سياسيًّا، وأخلاقيًّا، وجماليًّا؛ منتهية بقراءة "جدوى" تقديم شهادة عن المجزرة. ولذا؛ لا تهدف هذه المقالة إلى أن تكون دليلًا سياحيًّا في الرواية، وما ينبغي لها، بل تهدف إلى تقديم اقتراحات فكريّة لقراءة مقولاتها العليا.