مثل الأرواح الهائمة في الأعالي تطير نوارس أحمد هاشم لتحلّق في السماء، تجتاب الفضاء، جيئة وذهاباً، تصيح بصوت قوي صارخ، صياحاً جميلاً، تقطع مسافات بعيدة، باحثة عن أحلامها، وعندما لا تجد سوى الخواء والسكون بانتظارها تعود أرضاً. تماماً مثل حال شخوص "نوارس هائمة" المجموعة القصصية الجديدة للكاتب؛ وقد بدت تهيم في عالم غريب وتغرق في أحل...
قراءة الكل
مثل الأرواح الهائمة في الأعالي تطير نوارس أحمد هاشم لتحلّق في السماء، تجتاب الفضاء، جيئة وذهاباً، تصيح بصوت قوي صارخ، صياحاً جميلاً، تقطع مسافات بعيدة، باحثة عن أحلامها، وعندما لا تجد سوى الخواء والسكون بانتظارها تعود أرضاً. تماماً مثل حال شخوص "نوارس هائمة" المجموعة القصصية الجديدة للكاتب؛ وقد بدت تهيم في عالم غريب وتغرق في أحلام عذبة، بضعة ساعات، بضعة أيام، ثم ما تلبث أن تعود لوحدتها وغربتها وخيبتها، وهي تقول: "تباً لك أيتها الدنيا... تباً لك أيتها الخادعة".منذ ورقة الإهداء الأولى التي تتصدر العمل يسوح أحمد هاشم مع قارئه في "أحلامٍ مؤجّلة" ويغريه بالرحلة الروحية قبل الإبحار في متن النص، فيبعث بإهدائه: إلى كل من يعيشون مع أحلامٍ مؤجلة أو هي أوهام، لا أملَ في تحقيقها. أهدي هذهِ الحكايات التي لا يجمعُ بينها سوى الخيبة".قدم للمجموعة بمقدمة تليق بالعمل وبمؤلفه الدكتور "خالد السهر"/ أستاذ الأدب المقارن والدراسات الثقافية في الجامعة المستنصرية - بغداد؛ يقول فيها:يتراءى أمامنا زمن ما حلّ يبرق وميضاً خادعاً مبشراً بمطر لا يُقيم أو لا يأتي، إنها الخيبة والانتظار، تقف القصص على عتبة الاكتشاف للأشياء والدهشة من وجودها، وطول التساؤل عن جدواها ومآلها، إنها تدور حول الأسئلة الكبرى التي تظل بلا جواب، أسئلة النقاء المطلق والعاطفة المجردة، أسئلة الطفولة والكينونة الأولى والتخلق العاطفي، تتحرك في المساحة الضبابية المعتمة بين الذات والآخر، وتظل المساحة ضبابيةً معتمة في نظر الذات، تتردد فيها الأسئلة التي بلا جواب، هكذا تقدم مجموعة الأستاذ أحمد هاشم القصصية "نوارس هائمة" نفسها متلفّعة بثوب رومانسي شفيف ممتزج بمرارة الواقعية الصادمة حول أسئلة "هائمة" وثيمة "الانتظار والخيبة"، هذه المراوحة بين الحلم الرومانسي وتأويله الواقعي أو بين الانتظار الرومانسي والخيبة الواقعية سمة مطردة في قصصه، بلغة تفترع الدلالات الأولى التي نجد فيها أن همومه وأسئلته هي همومنا وأسئلتنا، وعبر تعويم مقصود للزمان والمكان لإضفاء صفة الكونية واللاتاريخية على هموم الذات المنسحقة المهمّشة الضائعة كنوارس هائمة.يضم الكتاب ثمانية عشر قصة قصيرة جاءت تحت العناوين الآتية: "البديل"، "ألحان الآخرة"، حلاق الخلفاء"، الحميّا"، "بين السما والماء"، "الشفل"، المسافر"، "نوارس هائمة"، "بشرى التي أكلها الذئب"، "آخر الصيف"، "خيبة"، "روزا"، "زائر من عالم آخر"، "الصراصير"، "صفيّة"، "غريبان"، "مصرع فواز"، و"ليلة لِحمدان".
