ظل العمل الأدبي العظيم جثة هامدة لا تعرف طريقها للحياة إلا عندما تمتد إليه يد القارئ لتعاوده، وبقدر عدد القراء عبر العصور، يستمد النص حيواته المتجددة، وإذا كان النقد الحديث قد كرس منذ رولان بارت لموت المؤلف، فإنه يجوز لنا أن نقر بأنه قد كرس لموت الناقد أيضًا على يد ياوس وأيزر ومن لف لفهما من أصحاب نظرية التلقي، فقد أسقطت هذه الن...
قراءة الكل
ظل العمل الأدبي العظيم جثة هامدة لا تعرف طريقها للحياة إلا عندما تمتد إليه يد القارئ لتعاوده، وبقدر عدد القراء عبر العصور، يستمد النص حيواته المتجددة، وإذا كان النقد الحديث قد كرس منذ رولان بارت لموت المؤلف، فإنه يجوز لنا أن نقر بأنه قد كرس لموت الناقد أيضًا على يد ياوس وأيزر ومن لف لفهما من أصحاب نظرية التلقي، فقد أسقطت هذه النظرية الديمقراطية للأبد سلطة الناقد الديكتاتورية، بوصفه قارئًا مثاليًا مميزًا يحق له دون غيره الجهر بوجهة نظرة الشخصية في تفسير النصوص، ومنذ سقوط هيمنة السلطتين (المؤلف والناقد) على النصوص، أخذ الأدب حريته الكاملة، ليصبح المعنى نفسه نقطة تماس متحركة ومتجددة، تقف في منطقة وسطى بين النص وثقافة المتلقى، وفي إطار كل ما فات يأتي هذه الكتاب بوصفه محاولة شخصية في قراءة النصوص، خارج سياق النقد التداولي المألوف الذي يسمح للناقد بالحكم على الاعمال الأدبية حكمًا قيميًا بالجودة أو الضعف، فهي قراءة تجتهد في تفسير النصوص من وجهة نظر صاحبها، والاختلاف معها أيسر من الاقتناع بها، بل أكثر فائدة للنص الإبداعي ذاته الذي يثبت في هذه الحالة قدرته اللامحدودة على تعدد الدلالة.