بينما كانا يسيران على الشاطئ قال ها وهو يميل بجسده، ويمد يده ليداعب صفحة الماء: السكين التي تحاول أن تجرح خدّ الماء لا تلبث أن تشعر بالخيبة، إذ إن الجرح يلتئم بسرعة الجناية أو حتى الشروع فيها. قالت وهي تحاول أن ترسل بصرها إلى أبعد نقطة في البحر: الماء مسالم بقدر ما هو متوحش. قال وهو يضع يده في يدها: الموج مهما كانت درجة هيجانه ع...
قراءة الكل
بينما كانا يسيران على الشاطئ قال ها وهو يميل بجسده، ويمد يده ليداعب صفحة الماء: السكين التي تحاول أن تجرح خدّ الماء لا تلبث أن تشعر بالخيبة، إذ إن الجرح يلتئم بسرعة الجناية أو حتى الشروع فيها. قالت وهي تحاول أن ترسل بصرها إلى أبعد نقطة في البحر: الماء مسالم بقدر ما هو متوحش. قال وهو يضع يده في يدها: الموج مهما كانت درجة هيجانه عالية لا يقصد إيذاء أحد، إنه لا يفعل بذلك سوى محاولة التعبير عن النشوة أو القوة، وربما يكون محتفياً بمواليد جدد أو يداعب أطفاله الذين بدأت أولى خطواتهم تدب على صفحته، وكذا المطر حين يكون غزيراً أو حتى شرساً، غير أن ثمة أكذوبة يجب نسيانها حفادها أن الريح تحرك صحفة الماء، فالحقيقة هي أن الماء هو الذي يستدعي الريح وهو الذي يأمرها، وهي التي تطيع مضطرة أو مرغمة".تشكل المجموعة القصصية التي يحتويها هذا الكتاب إضافة جديدة إلى مسيرة القصة القصيرة في الأردن ولذلك استحقت الجائزة الأولى في مسابقة التأليف والنشر، التي نظمتها اللجنة الوطنية العليا لإعلان عمان عاصمة للثقافة العربية لعام 2002. وتمتاز هذه المجموعة بالنهايات المدهشة والمفاجئة للقارئ وبمعالجتها لعديد من القضايا الهامة وذلك خلال لغة فنية عالية، وصور كثيفة بالغة الجمال، مما يؤكد غنى تجربة القاص ووعيه الكبير بغنية القصة القصيرة.