الحمد لله الذي جعل الكمال صفة لازمة لذاته العليا وجعل الخطأ والنسيان من صفات عباده ليتجلى برحمته عليهم في المغفرة والإحسان لهم، نحمده الذي بعث نبينا محمد صلى الله عليه وسلم رحمته المهداة للعالمين وعلى آله الطيبين وصحابته الكرام ومن تبعهم بالحق والهدى إلى يوم الدين أما بعد: تنشأ عن الجريمة أضرار ومخاطر عامة وخاصة ما دامت هناك جري...
قراءة الكل
الحمد لله الذي جعل الكمال صفة لازمة لذاته العليا وجعل الخطأ والنسيان من صفات عباده ليتجلى برحمته عليهم في المغفرة والإحسان لهم، نحمده الذي بعث نبينا محمد صلى الله عليه وسلم رحمته المهداة للعالمين وعلى آله الطيبين وصحابته الكرام ومن تبعهم بالحق والهدى إلى يوم الدين أما بعد: تنشأ عن الجريمة أضرار ومخاطر عامة وخاصة ما دامت هناك جريمة فلا بد من وجود الجاني ولا بد من وجود عقوبة لها فإفلات الجاني من العقاب يعد مظهراً من مظاهر الخلل في المجتمع. لم تكن قواعد الإجراءات الجنائية بمعزل عن التطور الحضاري للمجتمعات الإنسانية في مختلف العصور بل تمازجت وأثمرت عن الأنظمة الاجتماعية المرتبطة بالحركة الإنسانية من أجل ضمان الحرية الشخصية من التجاوز عليها ومن هنا نشأ التلازم بين وقوع الجريمة والاتهام المنسوب إلى المتهم والذي كان يتصف بادئ الأمر بكونه فردياً بحتاً وقد استخدم السومريون لأول مرة لفظ الاتهام حيث ورد ذك في الوثيقة السومرية التي يمكن أن نعنونها بـ ((الزوجة المتسترة على الأخبار بالجريمة)). وملخص ما ورد في هذه الوثيقة هو أنه كانت قد ارتُكبت جريمة قتل في بلاد سومر في حدود 1850 ق.م قتل فيها ثلاثة رجال أحد موظفي المعبد ولأسباب غير معروفة أخبر القتلة زوجة القتيل بقتل زوجها فاحتفظت الزوجة بسر القتلة ولم تبلغ السلطات الرسمية بالأمر حتى بلغ خبر الجريمة علم الملك سلالة ((أبسن)) فأحال القضية للنظر فيها إلى مجمع المواطنين، في مدينة (نفر) للفصل في القضية نهض تسعة رجال ليقاضوا المتهمين وبعد نقاش في القضية قالوا إن الجريمة لا تقتصر على الرجال الثلاثة وهم القتلة الفاعلون بل يلزم أيضاً مقاضاة الزوجة بسبب كتمانها للجريمة بعد أن علمت بها ما يجعلها ذلك في الجريمة.