يُعدٌّ أبو بكر محمد بن الحسن بن دُريد الأزدي البصري (223- 321هـ) (837- 933م) من أكبر المتضلعين المتبحرين في عصره في علم اللغة إحاطته وإلماماً، ومن أشهر المتعمقين المتوسعين في آفاق الأدب، ومن أقدر الشعراء المقدمين المبرزين، بالإضافة إلى قوة حافظته الخارقة، ومقدرته الفائقة.ولقد أثبتت قصيدته (المقصورة) عُلو منزلته في دنيا الشعر وال...
قراءة الكل
يُعدٌّ أبو بكر محمد بن الحسن بن دُريد الأزدي البصري (223- 321هـ) (837- 933م) من أكبر المتضلعين المتبحرين في عصره في علم اللغة إحاطته وإلماماً، ومن أشهر المتعمقين المتوسعين في آفاق الأدب، ومن أقدر الشعراء المقدمين المبرزين، بالإضافة إلى قوة حافظته الخارقة، ومقدرته الفائقة.ولقد أثبتت قصيدته (المقصورة) عُلو منزلته في دنيا الشعر والشعراء، وأثارت حول اسمه ضجة واسعة، وأحدثت صدى كبيراً، لما تضمنته وحفلت به ثروة لغوية، وفن وبراعة، وحكم وأمثال، وتسجيل لكثير من الحوادث التأريخية، ولإمتدادها وطولها، فقد بلغ عدد أبياتها ثلاثة وخمسين ومائتين.ولشهرة هذه القصيرة واهتم العلماء والأدباء والباحثون بهذه المقصورة، وعنوا بها كثيراً وكما تناولوها بالمعارضة، فقد أولوها العناية بالشرح والتخميس والترجمة والبحث والدراسة.والتخميس: من فنون الأدب المعروفة، وهو أن ينظم الشاعر ثلاثة شطور (أو صدور) على روي صدر البيت المطلوب تخميسه، ليكون البيت مؤلفاً من خمسة شطور بدلاً من شطرين، ويجري مجرى هذا الفن فن يقال له "التسبيع" وهو نادر.ولما كانت الغاية من التخميس هو مجاراة ومتابعة الروائع... فإنه يحتاج إلى مهارة وحسن جدارة، وقابلية، وقوة شاعرية، في مجاراة ومحاكاة الأصل المراد تخميسه، لتتكون من الأصل وتخميسه وحدة في المعنى والمبنى.وقصيدة ابن دريد - مع كونها من بحر الرجز وكون القافية فيها مقصورة غير مقيدة بحركات الإعراب - قد بلغت القمة في فخامتها سبكاً ومعنى وقوة.وقد تصدى لتخميس المقصورة شعراء منهم الأديب والشاعر والعالم موقف الدين الأنصاري، حيث خمس موفق الدين مقصورة ابن دريد وقلبها رثاء في الإمام الحسين ابن علي عليه السلام، ودون أحداث كربلاء، وأهدافها والآراء والأقوال فيها، وما تجلى فيها من مثل، وما ضرب فيها من مثل، بشكل لم تدع قولاً لقائل، ولا مجالاً لجائل، أو ناقل!!.ولأهمية هذا التخميس قدم لها الأستاد عبد الصاحبي البجيلي وشرحها وحققها لينتفع بها أهل العلم والفضل.