يبدو علم أصول الفقه اليوم وكأنه على مشارف عصر جديد، فقد اكتشفت بعض مخطوطاته النادرة، وعثر على كتب أولى كانت في عداد تراثنا المفقود، وحققت بعض موسوعاته الكبيرة، فقد اكتشف على سبيل المثال كتاب "التقريب والإرشاد" "لأبي بكر الباقلاني" وصدر الجزء الأول منه، وعثر على الجزء الأكبر من كتاب "العمد" للقاضي "عبد الجبار المعتزلي" وكان الناس...
قراءة الكل
يبدو علم أصول الفقه اليوم وكأنه على مشارف عصر جديد، فقد اكتشفت بعض مخطوطاته النادرة، وعثر على كتب أولى كانت في عداد تراثنا المفقود، وحققت بعض موسوعاته الكبيرة، فقد اكتشف على سبيل المثال كتاب "التقريب والإرشاد" "لأبي بكر الباقلاني" وصدر الجزء الأول منه، وعثر على الجزء الأكبر من كتاب "العمد" للقاضي "عبد الجبار المعتزلي" وكان الناس قد فقدوا الأمل في وجوده، ولكنه اليوم بين أيدينا في جزئين أظهرتهما يد التحقيق الجيد في ثوب علمي قشيب، وصدرت منذ سنوات الموسوعة الأصولية المستوعبة وهي كتاب "البحر المحيط" للإمام "الزركشي" والذي وصل به صاحبه الذروة في مجال استبعاب المادة الأصولية عند السابقين، وفي مجال تحريرها وضبط مسائلها، وبذل جهد عقلي متفوق للوصول إلى أعماقها ودقائقها، بحيث أصبحت قراءة هذا الكتاب الأصولي الضخم - والذي صدر في ستة مجلدات - رحلة ذهنيه تجمع بين المتعة وعمق النظر معًا، وشهدت العقود الثلاثة الأخيرة في ميدان تحقيق التراث، واختيار الرسائل العلمية، ونشر الكتب القديمة، شهدت هذه العقود عناية خاصة بعلم الأصول والعلوم المساعدة له.وهو يؤكد ما قلناه من أننا على مشارف عصر أصولي جديد، أرهصت له الدعوة إلى تجديد أصول الفقه، ولكنه يتكامل ويتحقق بحركة موازية في التأليف والدراسة، تستخدم هذه السلسلة الذهبية من المؤلفات الأصولية، وتعيد ترتيب مسائل العلم، وتأصيل بعض قواعده باعتبار ذلك مقدمة ضرورية لتجديد النسق الفقهي، واعتقد أنه قد آن الآوان لتحريك المياه الآسنة في مجال الدراسات الأصولية، وأن على العقل الإسلامي المعاصر أن يلتفت إلى الوجهة العلمية، حتى لا يتحرك الواقع أسرغ منه، وتفجؤه الحياة العملية بما ليس له قبل بمواجهتها فينهزم وهو يظن أن ألوية النصر قد عقدت له، والكتاب الذي نقدمه اليوم جولة سريعة مبسطة بقصد أن تفي بحاجة الطلاب في السنة الرابعة بكلية الحقوق.