هذا الكتاب الذي بين يدي القارئ من علاقات العرب بدول الجوار الجغرافي ينصب أساساً على المستقبل الخاص بهذه العلاقات خلال فترة تمتد حتى القرن القادم وعلى وجه التحديد حتى عام 2015. وفكرة الكتاب لا تعود إلى المؤلف، وإنما إلى مركز دراسات الوحدة العربية الذي أطلق منذ سنوات عدة برنامجاً شاملاً للدراسات المستقبلية عرف بعنوان "مشروع استشرا...
قراءة الكل
هذا الكتاب الذي بين يدي القارئ من علاقات العرب بدول الجوار الجغرافي ينصب أساساً على المستقبل الخاص بهذه العلاقات خلال فترة تمتد حتى القرن القادم وعلى وجه التحديد حتى عام 2015. وفكرة الكتاب لا تعود إلى المؤلف، وإنما إلى مركز دراسات الوحدة العربية الذي أطلق منذ سنوات عدة برنامجاً شاملاً للدراسات المستقبلية عرف بعنوان "مشروع استشراف مستقبل الوطن العربي". هذا المشروع -من الناحية العملية- تضمنته وثيقة أعدها في عام 1984 للمركز فريق مركزي من العلماء العرب من اختصاصات مختلفة، سعت إلى وضع مشروع بحثي يحاول استطلاع مستقبل الوطن العربي من خلال أربعة محاور للبحث هي: 1-العرب والعالم، 2-التنمية، 3-الدولة والمجتمع، 4-النموذج.هذه المحاور الأربعة تتكامل فيما بينها، وهي تسعى جميعاً إلى الإجابة عن السؤال البسيط، والمعقد في آن واحد: إلى أين يسير الوطن العربي؟ ولم تكن الإجابة سهلة، فهذا السؤال البسيط المعقد كان لا بد وأن يتفرع إلى مئات من الأسئلة التي تتطلب الإجابة، حول مستقبل الدولة القطرية العربية، وعلاقاتها ببعضها البعض، وعلاقات أجزاء الوطن العربي، وكله بالعالم الخارجي.وهذا الكتاب الذي بين يدي القارئ هو جزء واحد من هذا المشروع الكبير والمتعدد الأبعاد، جرى بحثه ضمن مجموعة بحثية ممتازة شاركت في دراسة محور العرب والعالم وعملت طوال عام 1986 تحت الإشراف المباشر للدكتور الأستاذ علي الدين هلال، المنسق لهذا المحور وعضو الفريق المركزي للمشروع. وكانت دراسة علاقات العرب بدول الجوار الجغرافي واحدة من دراسات متعددة اشتملت على مستقبل النظام العالمي، والعلاقات العربية-العربية، والصراع العربي-الإسرائيلي، وعلاقات العرب بالدول العظمى والكبرى، وأخيراً علاقات العرب بالمنظمات الدولية ودول العالم الثالث. والكتاب -من ثم- يجب أن ينظر إليه ليس كجزء منفصل، ولكن كدائرة تتقاطع وتترابط مع دوائر أخرى متعددة سوف ينشرها ومركز دراسات الوحدة العربية على التوالي.والكتاب ينقسم إلى أربعة فصول، الأول منها ينصب على تحديد المداخل النظرية، أو منطلقات البحث، التي يعتمد عليها المؤلف لي تحليل العلاقات المعقدة بين الوطن العربي من جانب ودول الجوار الجغرافي من جانب آخر. أما الفصل الثاني فينصرف إلى شرح تفصيلي لأبعاد هذه العلاقات كما تكونت خلال عملية تاريخية طويلة وحالتها في الوقت الحاضر. وفي الفصل الثالث فإن البحث يركز تماماً على مستقبل هذه العلاقات مسترشداً بالأبعاد التي تم تحديدها في الفصل السابق ومن خلال المشاهد الثلاثة المشار إليها آنفاً والمحددة من قبل في وثيقة استشراف مستقبل الوطن العربي.وأخيراً فإن الفصل الرابع والأخير يحاول إضافة إلى استخلاص الدروس والنتائج أن يضع بعض التوصيات العملية التي قد تعين في رسم سياسات تزيد من فرص الوطن العربي في تعامله مع الدول المجاورة وتحاول تجنب كثير من مزالق، ومآزق، هذا التعامل. ومن هلال الكتاب سيكتشف القارئ أن دول الحوار الجغرافي عرفت على أنها تلك الدول التي لها حدود برية مشتركة مع الوطن العربي. ورغم تعدد هذه الدول، وتعرض البحث لها من وقت لآخر، فإن البحث قد أعطى أهمية خاصة، وتركيزاً أكبر، لثلاث منها هي تركيا وإيران وأثيوبيا نظراً لما تشغله من أهمية استراتيجية وعلاقات متشابكة مع الوطن العربي في الماضي، والحاضر، وبالتأكيد في المستقبل.