أمضى الأندلسيون نحو ثمانية قرون بين عدويّن: عدو ن أمامهم يتمثل بأوروبا، وعدو من خلفهم يتمثل بالبحر، وهما أوّل عدوّين واجها طارق بن زياد وهو يعبر إلى الأندلس وأمام هذا الانقطاع وراء البحار والأخطار المتتابعة التي كانت تهدّد الوجود الإسلاميّ في الأندلس ظلّت الروح الأندلسية تتوقُ إلى الشرق الإسلامي وإلى مهد الإسلام في مكّة المكرّمة...
قراءة الكل
أمضى الأندلسيون نحو ثمانية قرون بين عدويّن: عدو ن أمامهم يتمثل بأوروبا، وعدو من خلفهم يتمثل بالبحر، وهما أوّل عدوّين واجها طارق بن زياد وهو يعبر إلى الأندلس وأمام هذا الانقطاع وراء البحار والأخطار المتتابعة التي كانت تهدّد الوجود الإسلاميّ في الأندلس ظلّت الروح الأندلسية تتوقُ إلى الشرق الإسلامي وإلى مهد الإسلام في مكّة المكرّمة والمدينة المنوّرة كي تستمدّ من هناك روح العبر والصمود، وكان حُلُم أيّ أندلسي، عالماً كان أو غير عالم، لا يتعدّى أداء الرحلة إلى الشرق، وزيارة قبر الرسول الكريم عليه صلوات الله وسلامه، وأداء فريضة الحجّ، ولقاء العلماء في حواضر العالم الإسلاميّ كلّه والاقتباس من حلمهم ومعارفهم، والتطواف بمنازل الأجداد.. فكان ذلك كلُّه أهم عاملٍ من عوامل كثرة الرحلات الأندلسية حتى بلغ تعدادها المئات من خلال ما نقلته لنا المصادر الأندلسيةتمثل هذه الرحلات جزءاً مهماً من التاريخ الاجتماعي للشعوب العربية والإسلامية وغيرهاوالذي يطالع هذا الكتاب فإنه يقف على الجهد الذي بذلته الدكتورة الشوابكة في استقساء الرحلات الأندلسية من مصادرها المختلفة، والوقت الذي استغرقته في قراءة هذه الرحلات وتفحّصها ونقدها وبيان قيمتها وموضوعاتها وغرائب أخبارها، فضلاً عن اللغة السليمة الناصة والرصينة التي استخدمتها في إعداد هذا الكتاب