لما كان الإيمان هو عَلَمُ الفوزِ وآيةُ النجاةِ ، والكفرُ هو سبيل الخسارة والبوار اقتضى - هذا - معرفة الإيمان وتفسيره حتى يتحلَّى به الأبرار ، ومعرفة الكفر حتى يتجانف عنه الأخيار ومع هذين الوصفين ألقاب أخرى تنتمي إلى نفس الحقل العقدي وهي أسماء الدين الممدوحة: كالإسلام والإيمان والإحسان والبر والتقوى ، وأسماء الذَّم كالكفر والشرك ...
قراءة الكل
لما كان الإيمان هو عَلَمُ الفوزِ وآيةُ النجاةِ ، والكفرُ هو سبيل الخسارة والبوار اقتضى - هذا - معرفة الإيمان وتفسيره حتى يتحلَّى به الأبرار ، ومعرفة الكفر حتى يتجانف عنه الأخيار ومع هذين الوصفين ألقاب أخرى تنتمي إلى نفس الحقل العقدي وهي أسماء الدين الممدوحة: كالإسلام والإيمان والإحسان والبر والتقوى ، وأسماء الذَّم كالكفر والشرك والنفاق والعصيان , وكل صنف له أحكامه التي تترتب عليه ترتّب النتيجةِ على المقدمة وهي أحكام الدنيا كنصرة المؤمنين وموالاتهم والبراءة من الكفر والكافرين ومخالفتهم وأحكام الآخرة وهي مصير المؤمنين والكافرين مع بيان حكم مرتكب الكبيرة ومصيره ! وقد عُرفت هذه المباحثات في الفكر الإسلامي بمسألة : ( الأسماء والأحكام ) . ومما يؤكد أهميتها أنها أول مسألة وقع الخلاف فيها مما يعني خفاء كثير من مسائلها ، الأمر الذي يقتضي شرحها والتدليل عليها وإبطال ما زاحمها من شبهات وحلِّ ما فيها من إشكاليات . كما أن شيخ الإسلام ابن تيمية ممن حظي بثقل معرفي كبير إذ أنه يحظى بسمعة طيبة في الأوساط العلمية كلها لما اتصف به من أمانة في النقل وموضوعية في المناظرة وجودة تحرير وحسن استدلال وقوة حجة في رد أباطيل الطوائف مع سعة اطلاع على المقالات والأفكار في أسلوب سهل وبديهة حاضرة . وقد كان له في موضوع الأسماء والأحكام تأصيل فريد ومع هذا فقد نسب إليه كثيرون في هذا الباب ما لم يَقل وكل هذا يقضي تحرير موقفه من جهة وإخراج إنتاجه المبارك للناس من جهة أخرى . وقد حرص هذا البحث - إلى جانب كل هذا - على الإجابة عن إشكاليات الإيمان العقدية كعلاقة العمل بالإيمان وزيادته ونقصه والاستثناء فيه ، وحقيقة الكفر ومناطه وما يترتب على ذلك من أحكام في الدنيا أهمها: إشكالية تكفير المعين مع بحث شروط التكفير وموانعه وإشكالية حال الفاسق الملِّي في الآخرة . وحتى يكون لهذه المسألة مؤلف تأصيلي يأرز إليه الشاب المسلم الذي تعصف به دعوات التكفير والعنف من جهة وتيارات التغريب و التساهل من جهة ثانية كان هذا العمل ...