كانت عناية الإمام ابن قيم الجوزية شديدة بالتقرير والتقريب، والتحرر والتهذيب لشتى العلوم النقلية المستقيمة، وتصفيتها وتنقيتها مما لحقها من البدع العقلية الذميمة، وكان من أبرز هذه العلوم، التي أنار في توضيحها وتصحيحها؛ ركن الإسلام الأول، وأساس الإيمان الذي عليه المعوّل؛ وهو: الشهادة لله، سبحانه وتعالى، بالتوحيد؛ ولبنيه صلى الله عل...
قراءة الكل
كانت عناية الإمام ابن قيم الجوزية شديدة بالتقرير والتقريب، والتحرر والتهذيب لشتى العلوم النقلية المستقيمة، وتصفيتها وتنقيتها مما لحقها من البدع العقلية الذميمة، وكان من أبرز هذه العلوم، التي أنار في توضيحها وتصحيحها؛ ركن الإسلام الأول، وأساس الإيمان الذي عليه المعوّل؛ وهو: الشهادة لله، سبحانه وتعالى، بالتوحيد؛ ولبنيه صلى الله عليه وسلم بالإرسال للعبيد، لأنها العهد والميثاق الذي يدخل به العبد في ربقة الإسلام، وينعم بعصمة دمه وما له أن ينتهك بالعدوان والآثام. ولما كان معرفة الله تعالى بما له من أسماء الجمال وصفات الكمال ونعوت الجلال: هو الصراط المستقيم والطريق القويم إلى تحقيق هذه الشهادة الجليلة، وفهم معانيها النبيلة، من هنا جاءت فكرة هذا الكتاب الذي ضمّ بحثاً جمع فيه المؤلف ما في هذا الباب مما هو متفرق في كتب الإمام، ومُودَعٌ فيما له من بديع الكلام، فجاءت تقريرات الإمام بان قيم الجوزية وتحريراته مقربة مهذبة في هذا البحث الذي وسمه الباحث بـ: "جهود الإمام ابن قيم الجوزية في تقرير توحيد الأسماء والصفات".هذا وإن لهذا البحث أهميته التي تتجلى في: 1-أن العلم بأسماء الله وصفاته وسيلة جليلة إلى غاية نبيلة وهي: معرفة الله، سبحانه وتعالى؛ التي لا سعادة للعبد ولا فلاح ولا نعيم ولا صلاح في دنياه وأخراه إلا بهذه المعرفة؛ والتعبد لله بها. 2-إن أشرف علم يناله العبد في هذه الدار هو علمه بأسماء الله تعالى وصفاته؛ لأنه أصل كل علم ومنشؤه، فهو علم مطلوب لنفسه مراد لذاته، والعمل بهذا العلم هو الغاية المطلوبة من الخلق والأمر. 3-أن الكتب الإلهية عامة؛ والكتاب المنزل بالحق المصدق لما بين يديها والمهيمن عليها خاصة اشتملت نصوصها على الإخبار عن أسماء الله وصفاته أكثر من اشتمالها على ما عداها. 4-أن الرسل صلى الله عليهم وسلم عامة؛ وإمامهم صلى الله عليه وسلم خاصة جُعِل مفتاح دعوتهم وزبدة رسالتهم ومطالب نبوتهم وأساس ملتهم؛ تعريف أممهم بأسماء الله تعالى وصفاته، والدعوة إلى إخلاص الدين له. وقد تمّ تقسيم البحث إلى مقدمة وتمهيد وثلاثة أبواب وخاتمة.تناول الباحث في الباب الأول جهود الإمام ابن قيّم الجوزية في تقرير أهمية توحيد الأسماء والصفات وبيان معتقد أهل السنة والجماعة فيه، وخصص الباب الثاني لبين جهود الإمام ابن قيّم الجوزية في تقرير قواعد الأسماء الحسنى والصفات العلى وأدلتها. أما الباب الثالث فقد تناول جهود الإمام ابن قيم الجوزية في تقرير إثبات الأسماء الحسنى والصفات العلى على وجه التفصيل وأما الخاتمة، فقد اشتملت على ثمرة البحث ومحصلته، مع توضيح وبيان أهم النتائج التي توصل إليها الباحث.وتجدر الإشارة إلى أن هذا البحث إنما هو رسالة علمية، وأطروحة جامعية نال بها المؤلف درجة العالمية (الدكتوراه) من قسم العقيدة بكلية الدعوة وأصول الدين بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، منح بموجبها الدرجة بتقدير: ممتاز مرتفع مع مرتبة الشرف الأولى.