محمد عبد الولي


ولد محمد عبد الولي في 12 نوفمبر 1939م بمدينة دبرهان الأثيوبية عن أب يمني وأم أثيوبية، وكان والده من المهاجرين الذين انضموا إلى حركة الأحرار اليمنيين.أمضى طفولته في أثيوبيا، حيث درس في مدرسة الجالية اليمنية بأديس أبابا من ثم عاد من غربته سنة 1946م.سافر للدراسة في الأزهر يمصر سنة 1955م، وشارك في تأسيس أول رابطة للطلبة اليمنيين التي انعقد مؤتمرها التأسيسي سنة 1956م.طرد مع 24 طالبا من مصر سنة 1959م، بتهمة الانتماء إلى الشيوعية، وسافر بعدها إلى موسكو ودرس في معهد غوركي للآداب الشهير لمدة عامين، من ثم عاد إلى أرض الوطن بعد الثورة في شمال الوطن في سنة 1962م.انضم للسلك الدبلوماسي قائماً بأعمال سفارات الجمهورية العربية اليمنية في موسكو وغيرها من البلدان إلى أن تفرغ لافتتاح داراً للنشر بتعز.سجن بعدها لمدة عام سنة 1968م، وأعيد إلى سجن القلعة مكبلاً بالقيود مرة أخرى سنة 1972م.له عدة أعمال طبعت منها مجموعته الأولى سنة 1966م ومجموعته الثانية سنة 1972م. وترجمت بعض أعماله إلى الفرنسية والروسية والألمانية والإنكليزية.أشهر روايته "يموتون غرباء" مسلسلة في صحيفة "الشرارة" عام 1971م ومن ثم طبعت في بيروت في دار العودة عام 1973م. وله رواية أخرى هي "صنعاء مدينة مفتوحة"، وقد تعرضت الأخيرة لحملة تكفير عام 2000م.مات محترقاً في طائرة عام 1973م.رغم مأسويتها الفادحة، تبدو الصورة كاريكاتورية بذات الدرجة، وإلا كيف يمكن وصف هذا: محمد عبد الولي يظل صباح 30 إبريل 1973م على مقعده في الطائرة الأنتينوف روسية الصنع التي أعدت لـ "التحليق" به ورفاقه في رحلة خاصة – قيل لهم يومها– أنها "تعريف لهم على معالم البلد". وقبل الإقلاع بلحظات تقتحم الطائرة كلمات، معلومات أو أياً كانت التسمية لتطرق آذاناً معينة طالبة من أصحابها مغادرة الطائرة، وبيمنا كان ذوو الآذان المحظوظة يغادرون بطن الطائرة استمرت آذان 42 ديبلوماسياً ومثقفاً بينها أُذنا أبرز قاص وروائي يمني، على المقاعد المخصصة لها. وباللجوء إلى المخيلة قليلاً: يمر الأشطل وباذيب مثلاً بآذانهما المحظوظات من جوار محمد عبد الولي الذي يلتفت إليهما ناصحاً بأن أعظم لحظات الإنسان هي في التعرف على معالم بلده. هذا مجرد تخيل، وما ليس تخيلاً أن الروائي ذي الأذنين السيئتي الحظ تعرف على معالم بلده، بالمعنى الأعمق. أقلعت الطائرة من مطار عدن في رحلة خاصة جداً أخذت صفتها هذه، لحظتئذ، من خصوصية شخصياتها وهدفها الذي قيل أنه تعريف الأخيرة على معالم البلد، إلا أن الخصوصية أتت بعد ذلك من صوب آخر تماماً، تفجير الطائرة إن لم يكن تحديداً اغتيال أبرز القاصين والروائيين اليمنيين. كان محمد عبد الولي خرج لتوه من سجن تعز الذي دخله بسبب انتماءاته اليسارية ليغادر مطار المدينة التي سجنته إلى عدن بتصريح من القاضي عبد الرحمن الإيرياني رئيس اليمن الشمالي حينذاك، ولقد طار إلى معقل اليسار في الجزيرة العربية ظاناً أن حياة مديدة وآهلة انفرشت أمامه للتو، لكن الطائرة الأنتينوف قالت شيئاً آخر حاسماً و... أليماً. وصل محمد عبد الولي عدن بالتزامن ووصول عديد دبلوماسيين جنوبيين استدعتهم قيادة الحزب الاشتراكي الحاكم وقتذاك من الخارج بدعوى التشاور. ولما كان هؤلاء الدبلوماسيون قد صنفوا منحرفين عن خط الحزب وانتهازيين يمنيين ظلت كلمة للتشاور سبباً عاطل النية ، ففي وقت كان مثل تصنيف يعني الخيانة العظمى ، لم تكن الخطوة التالية له لتحيد عن التصفية الجسدية . ومثلما عاد الانتهازيون اليمنيون إلى عدن معتقدين أن المسألة لن تتعدى كلمة للتشاور التي حملها قرار استدعائهم الرسمي، صعدوا طائرة الانتينوف في رحلة ظنوها فعلاً للتعرف على معالم البلد. أقلعت الطائرة من مطار عدن وهبطت سالمة في مطار شبوة حيث جرى – على الأرجح – تلغيمها ولم يمر طويل وقت على استئنافها الرحلة نحو حضرموت حتى انفجرت في الجو. وسوى أشلاء محمد عبد الولي ورفاقه كانت أِشلاء آخرين ستتساقط محترقة على تراب الجنوب ولم يتم ثنيهم عن الرحلة وإخراجهم من بطن الطائرة، قبل إقلاعها، في مطار عدن، ويقال أن أبرز المسئولين أمن الدولة آنذاك أمروا بإخراج بعض الشخصيات التي لم تصنف، انتهازية يمنية، من الطائرة. وفيما كانت هذه الشخصيات أبرزها عبد الله الأِشطل وعلي باذيب، سفير اليمن الجنوبي حينها في الأمم المتحدة وألمانيا على التوالي، تغادر الأنتينوف قبل إقلاعها، ظل الانتهازي اليمني محمد عبد الولي على مقعده في انتظار معالم البلد التي سيتعرف عليها عن كثب .. ولكن بأشلائه. وإذا ما تعرف صاحب يموتون غرباء على معالم بلده في الشمال سجيناً فإنه تعرف على معالم بلده في الجنوب قتيلاً. ولد محمد عبد الولي في 12 نوفمبر 1939م بمدينة دبرهان الأثيوبية عن أب يمني وأم أثيوبية وربما كان هذا ما حداه تكريس غالب أعماله لهجرات اليمنيين وحياتهم في أثيوبيا جاعلاً من أوضاع المولدين، إن لم تكن معاناتهم في اليمن وأثيوبيا ، ثمة أساسية في كتابته. ولمحمد عبد الولي ثلاث بنات وأبن واحد، أيوب وبلقيس من زوجته الراحلة مشلي، فيما أنجب من زوجته السويدية الراحلة أيضاًَ سارة وفاطمة وهو درس في مدرسة الجالية اليمنية بأديس أبابا، ومن ثم في القاهرة، قبل أن يطرد من مصر في يونيه 1959م بتهمة الانتماء لليسار، وأنهى دراسته في معهد غوركي للآداب بموسكو، ليعود بعد ثورة 26/9/1962م إلى اليمن، حيث شغل عدداً من المناصب الحكومية متبوعة بمناصب دبلوماسية خارج البلد. وإذ رحل عن حياة قصيرة لم تتعد الـ 34 عاماً على مثل نحو لمثل حادث تفجير إرهابي لم يكن غريباً عن مضمار الأحداث اليمنية، فإنما تأكيداً صدفويا على المدى الذي وصله تشابك مصير محمد عبد الولي مع مصائر شخصياته المروية، هنا لم تكن المأساة مستعدة لأقل من أن تترك أشد بصماتها رسوخاً وسفوراً على مصير الفنان ومنحوتاته الروائية. والحال لم يأت تكفير محمد عبد الولي عام 2000، وبعد اغتياله بربع قرن إليه التنكيل المستمر بتراثه الروائي، إلا من ذات الباب الذي أتى منه سجنه، واغتياله تعريفه على معالم البلد، ولئن بدا هذا ديدن اليمن المحارب للإبداع فإنما أيضاً بالموازاة وكونه بلداً ضد الاختلاف والتعدد الذين مثلهما محمد عبد الولي على أشمل ما يكون ذاك ابتداءً من ولادته لأم غير يمنية مروراً برحلاته زيجاته وحكاياته.


الصفحة الرئيسية