عبد العزيز بن باز


عبد العزيز بن عبد الله آل باز (12 ذو الحجة 1330 هـ - 22 نوفمبر 1910 / 27 محرم 1420 هـ - 13 مايو 1999)، قاض وفقيه سعودي، ولد في الرياض لأسرة علم، وتلقى علومه من مشايخ وعلماء بلدته، شغل منصب مفتي عام المملكة العربية السعودية منذ عام 1413 هـ الموافق 1992 حتى وفاته، بالإضافة لرئاسةهيئة كبار العلماء السعودية، ورئاسة إدارة البحوث العلمية والإفتاء، ورأس المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي، ورئاسة المجمع الفقهي الإسلامي، وشغل مدير الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة لخمس سنوات، حصل ابن باز على جائزة الملك فيصل لخدمة الإسلام سنة 1402 هـ الموافق 1982.بلغت مؤلفات ابن باز أكثر من 41 كتابًا، شملت على العديد من العلوم الشريعة من فقه وعقيدة وفتوى وفكر إسلامي، والعديد من الردود على المذاهب والفرق الدينية والفكرية التي نشأت سابقًا وحديثًا، هذا عدا عشرات الرسائل الصغيرة.يعد ابن باز أحد كبار علماء السنة في عصره، وحظى بإكبار وإجلال كل مشائخ عصره في أرجاء العالم الإسلامي، أما علماء السلفية فيعتبرونه إمام عصرهم، فهذا محمد ناصر الدين الألباني يقول «هو مجدد هذا القرن»، ويقول عبدالرزاق عفيفي: «ابن باز طراز غير علماء هذا الزمان، ابن باز من بقايا العلماء الأولين القدامى في علمه وأخلاقه ونشاطه»، ويقول محمد السبيل: «الشيخ ابن باز هو إمام أهل السنة في زمانة»مولده ونشأتهيعود نسب ابن باز إلى أسرة آل باز، فهو عبد العزيز بن عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله آل باز، يقول القاضي سليمان بن حمدان: «أن أصلهم من المدينة المنورة، وأن أحد أجدادهم انتقل منها إلى الدرعية، ثم انتقلوا منها إلى حوطة بني تميم»، ولد ابن باز في الرياض في يوم 12 ذو الحجة 1330 هـ الموافق 22 نوفمبر 1912، من أسرة علمية ينتهي إليها مجموعة من العلماء والقضاة، وقد كان مبصرًا في أول حياته وأصابه المرض سنة 1346 هـ وعمره آنذاك ستة عشر عامًا، فضعف بصره إلى أن فقده في مستهل شهر محرم من سنة 1350 هـ، وعمره حينذاك عشرون سنة، يقول ابن باز: «ثم أصابني المرض في عيني سنة 1346 هـ، فضعف بصري بسبب ذلك، ثم ذهب بالكلية في مستهل محرم من عام 1350 هـ، والحمد لله على ذلك»توفي والد ابن باز وهو صغير حيث أنه لا يذكر والده، أما والدته فقد توفيت وعمره خمس وعشرون سنة، وقد كان في صباه ضعيف البنية، ولم يستطع المشي إلا بعد أن بلغ الثالثة من عمره، وقد أجاد الكتابة والقراءة في صباه قبل أن يذهب بصره، يقول ابن باز: «أنا أقرأ وأكتب قبل أن يذهب بصري، ولي تعليقات على بعض الكتب التي قرأتها على المشايخ مثل الآجرومية في النحو، وغيرها»تعليمهنشأ ابن باز في بيئة علم شرعي، إذ كانت الرياض في ذلك الوقت بلدة علم، يسكن فيها عدد كبير من كبار العلماء وأئمة الدين، فبدأ بدراسة وحفظ القران الكريم كما هي عادة علماء السلف، فحفظ القران قبل أن يتم مرحلة البلوغ، ثم بدأ بعدها بطلب العلم الشرعي على يد علماء بلدته الرياض، يقول ابن باز:«وقد بدأت الدراسة من الصغر، فحفظت القران الكريم قبل البلوغ على يد الشيخ عبد الله بن مفيرج، ثم بدأت في تلقي العلوم الشرعية والعربية على أيدي كثير من علماء الرياض، ومن أعلامهم: الشيخ محمد بن عبد اللطيف آل الشيخ، والشيخ صالح بن عبد العزيز بن عبد الرحمن، والشيخ سعد بن حمد بن عتيق قاضي الرياض، الشيخ حمد بن فارس وكيل بيت المال بالرياض، الشيخ سعد وقاص البخاري، أخذت منه علم التجويد عام 1355، الشيخ محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف، وقد لزمت حلقاته صباحًا ومساءً، وحضرت كل ما يقرأ عليه، ثم قرأت عليه جميع المواد التي درستها في الحديث والعقيدة، والفقه والنحو والفرائض، وقرأت عليه شيئًا كثيرًا من التفسير والتاريخ والسيرة النبوية، نحوًا من عشر سنوات، وتلقيت عنه جميع العلوم الشرعية ابتداءً من سنة 1347 هـ حتى سنة 1357 هـ، حيث رشحت للقضاء من قبل سماحته»أعمالهأول عمل تولاه ابن باز هو القضاء، حيث عين قاضيًا في بلدة الدلم، من عام 1357 هـ حتى عام 1371 هـ، وفي هذه الفترة عمل أيضًا إمامًا وخطيبًا لمسجد عمه الشيخ عبد الله المعروف بمسجد الشيخ، كما كان يقوم بالتدريس فيه حتى قبيل وفاته،[9] وقد تتلمذ على يديه عدد من العلماء والقضاة منهم: راشد بن صالح بن خنين وعبد الله بن حسن بن قعود ومحمد بن صالح بن عثيمين وعبد الله بن جبرين وعبد الله بن عبد المحسن التركي وصالح بن عبد الرحمن الأطرم وصالح الفوزان أعضاء هيئة كبار العلماء، والقاضي عبد الله بن عبد الرحمن الكنهل، والقاضي سعيد بن عبد الله بن عياش، وعبد الرحمن البراك، وعبد العزيز الراجحي وغيرهم الكثير، وفي عام 1371 هـ انتقل للتدريس في المعهد العلمي في الرياض، ثم انتقل إلى كلية الشريعة واستمر فيها حتى عام 1381 هـ، وكان في هذه الفترة يؤم المصلين في جامع الإمام تركي بن عبد الله في الرياض، ويقوم بإلقاءالدروس في المسجدابن باز وهو يستمع لمستفتي.وفي عام 1381 هـ انتقل ابن باز إلى المدينة النبوية، ليعمل نائبًا لرئيس الجامعة الإسلامية الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ، وكان في المدينة المنورة يلقي الدروس في المسجد النبوي الشريف بين المغرب والعشاء عدا ليلة الثلاثاء، وفي عام 1390 هـ صدر الأمر الملكي بتعيينة رئيسًا للجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، وفي شهر شوال من عام 1395 هـ انتقل ابن باز إلى الرياض وعين رئيسًا لإدارة البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد برتبة وزير، وفي تلك الفترة تولى إمامة جامع الإمام تركي بن عبد الله، واستمر فيه حتى هدم الجامع، وبعدما أعيد بناؤه من جديد كتب ابن باز لولاة الأمور مقترحًا عليهم أن يعين عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ إمامًا للجامع، واستجيب لطلبه وعين آل الشيخ إمامًا للجامع، كما كان في الوقت نفسه رئيسًا لمجالس رابطة العالم الإسلامي، ورئيسًا للمجمع الفقهي الإسلامي، ورئيسًا للمجلس الأعلى العالمي للمساجد، وورئيسًا للمجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي، وفي عام 1414 هـ صدر أمر ملكي بتعيينه مفتيًا عامًا للمملكة العربية السعودية، ورئيسًا لهيئة كبار العلماء، ورئيسًا للجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، ورئيساً لرابطة العالم الإسلامي، كما عمل ابن باز رئيسًا لدار الحديث الخيرية في مكة المكرمة التي تأسست عام 1352 هـ.[11]في عام 1369 هـ عرض ابن باز على الملك عبد العزيز فكرة إنشاء معهد علمي في الرياض، فأمر الملك عبد العزيز بإنشاء معهد علمي في مدينة الرياض، واسند ادارته لابن باز، وتم افتتاح المعهد عام 1370 هـ، وأسند ابن باز ادارة المعهد إلى عبد اللطيف بن إبراهيم، وفي عام 1373 هـ تم افتتاح كلية الشريعة في الرياض، فالتحق بها خريجو المعهد العلمي، وفي عام 1374 هـ تحصل ابن باز بصفته مديرًا للمعهد العلمي على أمر ملكي يخوله افتتاح فروع للمعهد العلمي في الرياض، وأمر ابن باز بافتتاح ستة معاهد علمية في كل من بريدة وشقراء والأحساء والمجمعة ومكة المكرمة وصامطة من أعمال جازان، ثم بدأت فروع المعهد بالانتشار حتى شمل كل أرجاء المملكة العربية السعوديةرئاسة الجامعة الإسلاميةعُين ابن باز في عام 1381 هـ نائبًا لرئيس الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، واستمر نائبًا حتى عام 1390 هـ، ثم بعد ذلك تولى رئاسة الجامعة بعد وفاة رئيسهامحمد بن إبراهيم آل الشيخ، من عام 1390 هـ حتى عام 1395 هـ أخذ ابن باز في تلك الفترة في التوسع نحو امتداد الدعوة إلى خارج المملكة العربية السعودية، ولم يقف نشاط الجامعة العلمي والعملي عند حدود الجامعة وحدها، بل امتد إلى مناطق كثيرة في العالم الإسلامي، فانتُدب المدرسون باسم الجامعة للتدريس في أكثر من مؤسسة علمية، أو مدرسة وجامعة أثرية، بخاصة في الهند وإفريقية وباكستان، بالإضافة للمتفوقين من خريجي الجامعة، الذين قدمهم إلى مجلس الدعوة الإسلاميةبالرياض، من أجل انتدابهم لخدمة الدعوة في بلادهم وغير بلادهم.مفتي السعوديةفي عام 1395 هـ صدر أمر ملكي بتعيين ابن باز في منصب الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد برتبة وزير، وظل في هذا المنصب مدة ثمانية عشر عامًا، حتى عام 1413 هـ حيث صدر أمر ملكي بتعيينه في منصب مفتي عام المملكة السعودية بالإضافة إلى رئاسة هيئة كبار العلماء، ورئاسة إدارة البحوث العلمية والإفتاء، وظل في هذا المنصب مدة سبع سنوات، حتى وفاته في عام 1420 هـ.حرب الخليج الثانية حيث أفتى بجواز الاستعانة بغير المسلمين.وكان أبرز فتاوي ابن باز هي جواز الاستعانة بدول التحالف لتحرير الكويت في حرب الخليج الثانية، يقول ابن باز في فتواه: «وأما ما وقع من الحكومة السعودية من طلب الاستعانة من دول شتى للدفاع وحماية أقطار المسلمين لأن عدوهم لا يؤمن هجومه عليهم، كما هجم على دولة الكويت فهذا لا بأس به، وقد صدر من هيئة كبار العلماء وأنا واحد منهم، بيان بذلك أذيع في الإذاعة ونشر في الصحف، وهذا لا شك في جوازه، إذ لا بأس أن يستعين المسلمون بغيرهم للدفاع عن بلاد المسلمين وحمايتهم وصد العدوان عنهم، وليس هذا من نصر الكفار على المسلمين الذي ذكره العلماء في باب حكم المرتد، فذاك أن ينصر المسلم الكافر على إخوانه المسلمين، فهذا هو الذي لا يجوز، أما أن يستعين المسلم بكافر ليدفع شر كافر آخر أو مسلم معتد، أو يخشى عدوانه فهذا لا بأس به وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم استعان بدروع أخذها من صفوان بن أمية استعارها منه، وكان صفوان كافرًا في قتال له لثقيف يوم حنين، وكانت خزاعة مسلمها وكافرها مع النبي صلى الله عليه وسلم في قتاله لكفار قريش يوم الفتح، وصح عنه أنه قال: إنكم تصالحون الروم صلحا آمنا ثم تقاتلون أنتم وهم عدوا من ورائكم فهذا معناه الاستعانة بهم على قتال العدو الذي من وراءنا، والمقصود أن الدفاع عن المسلمين وعن بلادهم يجوز أن يكون ذلك بقوة مسلمة، وبمساعدة من نصارى أو غيرهم عن طريق السلاح، وعن طريق الجيش الذي يعين المسلمين على صد العدوان عنهم، وعلى حماية بلادهم من شر أعدائهم ومكائدهم، والله جل وعلا يقول في كتابه العظيم: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فأمرنا بأخذ الحذر من أعدائنا، وقال عز وجل: مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ، وهكذا من يعتدي علينا ولو كان مسلمًا أو ينتسب إلى الإسلام، فإذا خشي المسلمون عدوانه جاز لهم أيضا أن يستعينوا بمن يستطيعون الاستعانة به لصد عدوان الكافر ولصد عدوان المعتدي وظلمه عن بلاد المسلمين وعن حرماتهم، والواجب على المسلمين التكاتف والتعاون على البر والتقوى ضد أعدائهم ، وإذا احتاجوا فيما بينهم لمن يساعدهم على عدوهم أو على من يريد الكيد لهم والعدوان عليهم ممن ينتسب للإسلام فإن لهم أن يستعينوا بمن يعينهم على صد العدوان وحماية أوطان المسلمين وبلادهم كما تقدم»رئاسة دار الحديثأنشئت دار الحديث الخيرية في عام 1352 هـ، وكانت فكرة إنشائها قائمة على الرغبة في النهوض بعلوم الحديث، لذا فكرة جماعة من علماء الحديث برئاسة عبد الظاهر أبو السمح إمام المسجد الحرام آنذاك، في إنشاء دار الحديث الشريف وعلومه، فعرض الفكرة على الملك عبد العزيز الذي وافق على انشائها، وفي عام 1390 هـضم دار الحديث للجامعة الإسلامية، وبذلك أصبح عبد العزيز بن باز رئيسًا للمجلس الأعلى للدار، والذي واصل عمل أسلافه في تخريج طلاب العلوم الشرعية، وبالأخص الطلاب القادمين من أفريقيا وآسيا، وأمر في فترة رئاسته للدار بقبول خريجي دار الحديث في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة من دون اجراء اختبار قبول لهم، ثم أضاف للدار وظيفة جديدة حيث أمر أن تقوم الدار بتوزيع الصدقات على الفقراء والمساكين من رجال ونساء، وكانت الدار تعتمد على نفقات المحسنين، وقبل عشرة أعوام من وفاته، قام ابن باز بجمع خمسة عشر مليون مليون ريال من المحسنين تكلفت مباني قاعات الدراسة، والإدارة وسكن الطلاب، وأقيمت المباني في شارع أجياد لدار الحديث، ولما انتهت المباني أصبحت الدار مكتفية ماليًا لتيسير أمورها، ولما حصل ابن باز على جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام، ألقى كلمة في حفل الجائزة، وذكر فيها دار الحديث ونوه بدوره، وأعلن تبرعه بالجائزة التي فاز بها لدار الحديث الخيرية بمكة المكرمة، وكان مقدار الجائزة ثلاثمئة ألف ريال سعودي.[16]نور على الدربنور على الدرب، هو برنامج يومي يجيب فيه عدد كبير من العلماء وأهل الفتوى على أسئلة المستمعين، يبث البرنامج على إذاعة القرآن الكريم من الرياض المملكة العربية السعودية، مكث عبد العزيز بن باز في برنامج نور على الدرب أكثر من 30 عامًا، وكان يبث البرنامج بعد صلاة العشاء من ليلة السبت أسبوعيًا،[17] وقد بلغ مجموع فتاوي ابن باز في البرنامج 11.308 فتاوي،[18] وقد جمعت هذه الفتاوى في أكثر من كتاب وإصدار، ومنها كتاب فتاوى نور على الدرب لسماحة الإمام عبد العزيز بن عبد الله بن باز تحقيق عبد الله بن محمد الطيار ومحمد بن موسى بن عبد الله الموسى،كتاب فتاوى نور على الدرب لابن باز بعناية الشويعر.مراسلة الحكام والرؤساءرسالته لحافظ الأسدأرسل ابن باز برقية باسمه عن المجلس الأعلى للجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، موجهه لحافظ الأسد الرئيس السوري الراحل، ونشرتها مجلة الاعتصام المصرية في يناير 1980، قال فيها ابن باز لقد هال المجلس الأعلى للجامعة الإسلامية المنعقد بالمدينة المنورة، والذي يحضره ممثلون من علماء المسلمين وقادة الفكر في العالم الإسلامي ما جرى ويجري في سوريا المسلمة، من إعدام وتعذيب وتنكيل بالمسلمين الذين يطالبون بتحكيم شريعة الله في المجتمع، وذلك تحت ستار حادثة حلب، التي نقلت وكالات الأنباء والصحف العربية والعالمية أنها تمّت بين أجنحة الحزب الداخلية، بسبب ما تشعر به أكثرية المواطنين من عنت وإرهاق وإهدار للقيم في كل الميادين. على صعيد الممارسات اليومية، ونتيجة الاختلاف في نوع الانتماء والولاء الطائفي. والمفروض أن يقضى على الأسباب الجذرية للفتنة، لا أن يسار في تعميق تلك الأسباب. كما أن الواجب أن يشجع الشباب المخلصون لدينهم ولأمتهم، ويوقف ما يتخذ ضدهم وضد أسرهم من إجراءات منكرة، تفويتاً لفرصة الكيد اليهودي، وضمانًا لوحدة الصف، والإفادة من كل الطاقات الخيرة في معركة المصير مع العدو المتربص، وحرصاً على أن تؤدي سورية المسلمة المعروفة بأصالتها دورها كاملًا غير منقوص في جهاد أعداء الإسلام. وقد بات هذا الأمر آكد وآكد بعد ما ارتكبته العصابات اليهودية الحاقدة وأعوانها صباح مساء في جنوب لبنان، لأغراض معروفة. إن المجلس الأعلى للجامعة الإسلامية يأسف أشد الأسف لما يجري في هذا البلد الغالي من سفك دماء الذين ينشدون ما هو واجب على كل حكومة تؤمن بالله ورسوله، من تحكيم شرع الله تعالى، والعودة إلى ما كانت به عزيزة قوية مرهوبة الجانب، حين قامت للدنيا أسمى حضارة عرفها الإنسان. ويستغرب المجلس الأعلى أشد الاستغراب أن تكون هذه الدعوة في بلد إسلامي عريق جرمًا يستوجب أهله الاعتقال والإيذاء والقتل، دون أن يسمح للمتهم بأدنى قدر من الحرية لجلاء الحقيقة. وإننا لنهيب بكم وبكل المسؤولين في كل البلاد العربية والإسلامية أن يجمعوا الصفوف على كلمة الله، وتطبيق شريعته، ويعدوا العدة، ويوحدوا القوى، في ظلال العقيدة الإسلامية، وحب الجهاد والاستشهاد، فذلك طريق النصر والفلاح. والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون. رسالته لجمال عبد الناصرلما أعدم جمال عبد الناصر سيد قطب منظّر الإخوان المسلمين في مصر، وذلك يوم 29 أغسطس 1966، وجه ابن باز رسالة إلى عبد الناصر قال فيها بسم الله الرحمن الرحيم. من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلي الرئيس جمال عبد الناصر، السلام على من اتبع الهدى. يقول الله عز وجل (ومن يقتل مؤمنًا متعمدًا، فجزاؤه جهنم خالدًا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابًا عظيمًا). والسلام. رسالته للحبيب بورقيبهكان الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة قد ألقى كلمة في إحدى المناسبات، حول الثقافة الذاتية والوعي القومي، تضمن الطعن في القرآن الكريم والقول بأنه متناقض، فأرسل ابن باز رسالة:[ نشرت صحيفة الشهاب بعدد 23 ربيع الأول سنة 1394 هـ، حديثًا نسب إليكم غاية في الخطورة، يتضمن الطعن في القرآن الكريم بالتناقض، والاشتمال على الخرافات، والطعن في مقام الرسالة المحمدية العظيم، وقد أزعج ذلك المسلمين واستنكروه غاية الاستنكار، فإن كان ذلك صدر منكم فالواجب شرعا المبادرة إلى التوبة النصوح منه، وإعلانها بطرق الإعلان الرسمية، وإلا وجب إعلان بيان رسمي صريح بتكذيبه، واعتقاد خلافه كي يطمئن المسلمون، وتهدأ ثائرتهم، من هذه التصريحات الخطيرة، ونسأل الله تعالى أن يوفق الجميع لما فيه الخير والصلاح في الدنيا والآخرة، وللتوبة من جميع الآثام، سرها وجهرها، وأن يعز الإسلام وأهله وأوطانه إنه سميع مجيب. وفاتهفي أواخر عام 1419 هـ أخذت حالة ابن باز الصحية في التدهور، حيث كان يعاني من آلام في المريء والقلب، ما استوجب عليه أن يترك حج عام 1419 هـ الذي كان عازمًا على أدائه، ووجه بأن يقوم نائبه عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ مقامه بالحج، وكان يقول: «الله المستعان سبعة وأربعون سنة متتابعة لم أترك الحج»،[25]وفي أواخر شهر ذي الحجة أقام ابن باز في الطائف، وازداد عليه الألم، واستمر على ذلك حتى توفي في فجر يوم الخميس 27 محرم 1420 هـ الموافق 13 مايو1999، في مستشفى الملك فيصل بالطائف، ثم نقل إلى مستشفى القوات المسلحة في الهدا، وصلي عليه بعد صلاة الجمعة يوم 28 محرم في المسجد الحرام، حضر الصلاة عليه الملك فهد بن عبد العزيز ملك السعودية، وعبد الله بن عبد العزيز ولي العهد آنذاك، وسلطان بن عبد العزيز النائب الثاني،[26] ثم دفن في مقبرة العدل فيمكة المكرمة،[27] وقد صدر أمر ملكي بإقامة صلاة الغائب على ابن باز في جميع مساجد المملكة العربية السعودية بعد صلاة الجمعةمؤلفاتهترك ابن باز أكثر من 41 مؤلفًا، اشتملت على مسآئل الفتاوى والفقة والعقيدة، أبرزها:• فتاوى نور على الدرب لابن باز بعناية الشويعر.• الدروس المهمة لعامة الأمة.• العقيدة الصحيحة وما يضادها ونواقض الإسلام.• إقامة البراهين على حكم من استغاث بغير الله أو صدق الكهنة والعرافين.• حكم السحر والكهانة وما يتعلق بها.• فتاوى مهمة لعموم الأمة.• دروس للشيخ عبد العزيز بن باز.• فتاوى نور على الدرب لابن باز بعناية الطيار.• رسالة في حكم السحر والكهانة مع بعض الفتاوى المهمة.• العقيدة الصحيحة وما يضادها.• الغزو الفكري ووسائله.• منهج أهل السنة والجماعة في السمع والطاعة.• حكم الإسلام فيمن زعم أن القرآن متناقض.• أصول الإيمان لابن باز. • شرح ثلاثة الأصول لابن باز.• الإفهام في شرح عمدة الأحكام.• مسائل الإمام ابن باز.• مجموع فتاوى ابن باز.• الدعوة إلى الله وأخلاق الدعاة.• بيان التوحيد الذي بعث الله به الرسل جميعا وبعث به خاتمهم محمدا عليه السلام.• نواقض الإسلام.• وجوب تحكيم شرع الله ونبذ ما خالفه.• وجوب العمل بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم وكفر من أنكرها.• الإمام محمد بن عبد الوهاب دعوته وسيرته.• التحذير من البدع.• التحاكم إلى الكتاب والسنة في حفظ الأمن وحماية الأرواح.• فتاوى عاجلة لمنسوبي الصحة.• فتاوى مهمة تتعلق بالحج والعمرة. • كيفية صلاة النبي صلى الله عليه وسلم.• التحقيق والإيضاح لكثير من مسائل الحج والعمرة والزيارة على ضوء الكتاب.• الفوائد الجلية في المباحث الفرضية.• أحكام صلاة المريض.• تحفة الإخوان بأجوبة مهمة تتعلق بأركان الإسلام.• ثلاث رسائل في الصلاة.• حكم شرب الدخان وإمامة من يتجاهر به.• رسالتان في الصلاة.• فتاوى تتعلق بأحكام الحج والعمرة والزيارة.• تحفة الأخيار ببيان جملة نافعة مما ورد في الكتاب والسنة من الأدعية والأذكار.• التبرج وخطر مشاركة المرأة للرجل في ميدان عمله.• نقد القومية العربية على ضوء الإسلام والواقع.• شرح رسالة محمد بن عبد الوهاب في شروط الصلاة وأركانها وواجباتها.شخصيته وصفاتهعقيدتهيعد ابن باز أحد كبار أئمة أهل السنة والجماعة في عصره، وتتمثل عقيدته فيما اعتقده السلف الصالح من تتبع السنن والبعد عن أهل البدع والتحريف، وقد بيَّن ابن باز عقيدته السلفية في كثير من كتبه ومؤلفاته، وجاء في كتابه مجموع فتاوى ومقالات متنوعة تحت عنوان العقيدة التي أدين الله بها: «عقيدتي التي أدين الله بها هي الإيمان بأن الله هو الإله المستحق للعبادة، وأنه فوق العرش قد استوى عليه، استواء يليق بجلالته وعظمته بلا كيف، وأؤمن بأنه سبحانه له الأسماء الحسنى والصفات العلى، من غير تحريف ولا تعطيل، ولا تكييف ولا تمثيل، وهي توقيفية لا يجوز اثبات شيء منها إلا بنص من القران أو من السنة الصحيحة، وأؤمن بأن القران كلامه عز وجل وليس مخلوق، وأؤمن بكل ما أخبر الله به ورسوله من الجنة والنار والحساب والجزاء».[30]أما فيما يخص بعلاقة المسلم بولي الأمر، فيرى ابن باز طاعة ولاة الأمر في كل صغيرة وكبيرة، ويرى أن الطاعة إنما تكون في المعروف، ويرى أن الصبر على جور الأئمة وظلمهم أصل من الأصول المهمة التي جائت بها الشريعة الإسلامية، ويرى أن ضياع هذا الأصل هو سبب الفتن والمحن، ومنهجه في التعامل مع ولاة الأمر نصحهم سرًا فيما صدر منهم من منكرات، والأخذ بيدهم إلى الحق وتبصيرهم، مع التحذير العام للمنكر دون تخصيص أو تشهير بالأسماء، لأن في ذلك تأليب للعامة، ويرى أن النصح علنًا ليس من منهج السلف، لأنه يفضي إلى الفوضى وعدم السمع والطاعة في المعروف، ويرى الدعاء لولاة الأمر بالتوفيق والسداد، والاكثار منه.[31]ويرى ابن باز أن الطائفين بالقبور بقصد عبادة الله كما يطوف بالكعبة يظن أنه يجوز الطواف بالقبور ولم يقصد التقرب بذلك لأصحابها وإنما قصد التقرب إلى الله وحده، يرى أن هذا يعتبر مبتدعًا لا كافرًا، ويرى أنه لا إيمان لمن اعتقد أن أحكام الناس وآراءهم خير من حكم الله ورسوله أو مماثلة أو تشابهه، أو أجاز أن يحل محلها الأحكام الوضعية والأنظمة البشرية، وإن كان معتقدًا بأن أحكام الله خير وأكمل وأعدل، ويرى أن الاحتفال بمولد النبي وليلة الإسراء والمعراج لا يجوزصفته الشكليةكان ابن باز معتدل البنية، ليس بالطويل البائن، ولا القصير جدًا، بل كان عوان بين ذلك، مستدير الوجه حنطي اللون، أقنى الأنف، لحيته قليله على العارضين، كثة تحت الذقن، كانت سوداء يغلبها بعض البياض، ولما كثر بياضها صبغها بالحناء، وكان عريض الصدر، بعيد مابين المنكبين، ويمتاز بالتوسط في جسمه، فهو ليس بضخم الكفين ولا القدمين.أما هيئته الخارجية ولباسه، فكان ابن باز حسن الهيئة لا يتكلف في ملبسه أبدًا، ويحرص دائمًا على لبس البياض في ثيابه، ويحب ارتداء الثياب الواسعة والفضفاضة، وثيابه كانت تصل إلى أنصاف ساقيه، ويزين ثيابه بمشلح وعبائه عودية اللون.أسرتهلابن باز ثمانية أبناء، أربعة من الرجال، وأربعة من النساء، أكبر أبنائه عبد الله وبه يكنى، ثم عبد الرحمن وكلاهما يعملان في التجارة وما يتعلق بها، والثالث أحمد وهو معيد في كلية الشريعة جامعة الإمام محمد بن سعود، وقد كان مرافقًا لوالده في السفر والحضر، أما الرابع فاسمه خالد، وقد سأل ابن باز عن أحب أبنائه فقال: «كلهم بمنزلة سواء عندي، لا أقدم أحدًا على أحد»


الصفحة الرئيسية