حبيب الزحلاوي


يمثل الاديب اللبناني حبيب الزحلاوي ظاهرة فريدة غير مألوفة في الحياة الادبية المعاصرة. فهو قد فرض نفسه عنوة على المجتمع الادبيفي مصر بأسلوب ( القبضايات) والزجر والتهديد والوعيد بالويل والثبور وعظائم الامور لمن يخالف الرأي, حتى إن الأديب الدكتور زكي المحاسني وصفه بأنه لا يكتب بقلم الحبر وانما يكتب بعصا غليظة!!‏حياته الشخصية يغلفها الغموض على حد تعبير الادب المرموق وديع فلسطين الذي تحدث عنه في كتابه الممتع عن اعلام عصره , فلا يعرف شيء عن نشأته او منبته , وما هي الشهادات العلمية التي يحملها . الزحلاوي يقول عن نفسه انه هاجر من لبنان الى مصر بسبب مقالاته السياسية الجريئة التي كادت تودي به الى السجن, في زمن الخلافة العثمانية فاضطر الى الفرار من وطنه.‏وحين وصل الى القاهرة.. استعان بالسوريين او ( الشوام) كما يطلق عليهم هناك, الذين سبقوه عساهم ان يعثروا له على عمل يسد به رمقه, فعمل كبائع في محل للأحذية الفاخرة, ثم استطاع ان يستقل بعمله, ويفتتح لنفسه متجراً لبيع الحديد الخردة اتاح له الثراء السريع فيما بعد.‏اصدر الزحلاوي ثلاث مجموعات قصصية هي : (شعاب قلب) تقديم عباس محمود العقاد, و(انات غريب) و(ضحكات القدر ) وتجدر الإشارة الى ان الزحلاوي فاز بثلث جائزة مجمع اللغة العربية بمصر عن قصته ( يقظة ضمير) وبالاضافة الى هذه المجموعات القصصية, فقد اصدر الزحلاوي كتاب محنة الوسامة وكتابين نقديين هما ( ادباء معاصرون) و(شيوخ الادب الحديث) وفيهما وجه نقده الموجع على رؤوس اعلام عصره الكبار امثال: طه حسين , وتوفيق الحكيم, وعزيز اباظة, وحسين فوزي , ومحمود تيمور , وسلامة موسى , ووديع فلسطين والشاعر بشر فارس رائد المذهب الرمزي في الادب العربي, الذي اطلق عليه اسم ( نشر فهارس)!!‏وفي هذا الشأن .. كان الشاعر بشر فارس قد نشر في مجلة ( المقتطف) الصادرة في ايار /1944/م قصيدة وجدانية عنوانها ( الى زائرة) وهي من عيون الشعر الرمزي ومما جاء فيها :‏لو كنت ناصعة الجبين‏هيهات تنقضي الزيارة‏ما روعة اللفظ المبين‏السحر من وحي العبارة‏وفور صدور هذه القصيدة اعلن الزحلاوي في مجلة ( الرسالة ) المصرية, وفي مجلة (الاديب) اللبنانية عن جائزة قدرها خمسة جنيهات مصرية اومئة ليرة سورية لمن ينجح في شرح ابيات هذه القصيدة اللغز على حد تعبيره ..‏ومع ان العديد من الادباء والنقاد نجحوا في شرح القصيدة, ومنهم الاديب السوري عدنان بن ذريل, واللغوي اللبناني عبد الله العلايلي, فقد اكتفى الزحلاوي بعد ان سرق الاضواء, بالضجة الادبية التي اثارها حول اسمه, وبقيت الجائزة في جيبه!!‏اضطر الزحلاوي الى مغادرة القاهرة, بعد ان بلغ من العمر عتيا, بسبب ابتعاد الادباء عنه من جراء شخصيته الحادة وسلاطة لسانة, ليظهر هذه المرة في كولومبيا بأمريكا الجنوبية, لعله يصبح من كبار ادباء المهجر, فيرتبط اسمه مع اسم جبران خليل جبران, على حد وهمه , لكن الموت ادركه في عام 1980 ليدفن هناك, دون ان يحقق طموحه الاخير.‏


الصفحة الرئيسية