شكل الجسد في شعر صدر الإسلام والعصر الأموي ، ظاهرة واضحة وقف عندها الشعراء مما يستدعي بيانها وتحليلها ، فالجسد الذي نتناوله هو في الحقيقة جسد مطلق غير مقيد بذكورة أو أنوثة ، فهو لغة ونظام من العلامات الدالة والمنتجة للمعاني ، إذ أصبح في الثقافة الإنسانية المعاصرة رمز عام للعالم ، ومصدر كل الرموز الإنسانية ، وهو يرمز إلى كل شيء ،...
قراءة الكل
شكل الجسد في شعر صدر الإسلام والعصر الأموي ، ظاهرة واضحة وقف عندها الشعراء مما يستدعي بيانها وتحليلها ، فالجسد الذي نتناوله هو في الحقيقة جسد مطلق غير مقيد بذكورة أو أنوثة ، فهو لغة ونظام من العلامات الدالة والمنتجة للمعاني ، إذ أصبح في الثقافة الإنسانية المعاصرة رمز عام للعالم ، ومصدر كل الرموز الإنسانية ، وهو يرمز إلى كل شيء ، مثلما يرمز كل شيء إلى الجسد ، لأنه ينقلنا إلى الوجود ووجودنا هو وجود مجسد ، ووجودنا المجسد هو وجود في العالم ، فهو لم يعد معدن الشهوات وسجن النفس ، بل أصبح ومن خلال الإطار الشعري مُعطى إيجابياً يجسد إنسانية الإنسان بامتياز بوصفه قيمة جمالية وإبداعية . تطرح الدراسة الراهنة مفهوم الجسد في جانبه اللغوي ، وأبعاده الدينية ، والفلسفية ، والتراثية ، ومفهومه في الفن ، والأدب من أجل الوصول إلى تحديد المفهوم المناسب وبيان جذوره . كما بينت الدراسة صورة الجسد من خلال المضامين الدينية بيّنا فيه رؤية الشاعر في صياغته جمالياً بما يوافق الواقع الديني ، الذي تأثر به وضمنه في شعره في محاولة للارتقاء به إلى مستوى النص الديني . إلى جانب مضامين الطبيعة من خلال رموزها الساكنة والمتحركة ، ومن خلال التشبيهات التي اعتمدها الشاعر في وصفه (الرجل والمرأة) وبيان قيمتهما الجمالية الموحية بمعانٍ مختلفة ( القوة ، والجمال ، والحياة ، والخصوبة ) المتمثلة بالجسد ، وركزت الدراسة أيضا على لغة الجسد بكونه علامة دلالية تعكسها جوارحه بحسب التوظيف الشعري لتلك الجوارح والمعنى المراد بيانه . والجسد بوصفه علامة تواصلية ، شكلت لغة قائمة بذاتها ، بعد أن اختزنت مجموعة من العلامات ، والإشارات من خلال جوارحه ، وما تعكسه من لغة تواصل مع الآخر ، وبين ما يتعلق بالجسد من وشم ، وأثواب ، وزينة ، وما تدل عليه من معانٍ رمزية ، وجمالية مؤثرة تعمل على تغيير صورة الجسد وصياغتها بطريقة أخرى تجعلها محل إغراء ، ولغة تواصل مع الآخر أيضاً .