مقدمة “معجم أسماء المدن والقرى الفلسطينية”، التي تزيد عن خمسين صفحة بقليل، تحتوي ربطاً وتلخيصاً شديد الأهمية للتواتر الحضاري لمنطقة بلاد الشام، ما بين العروبة القديمة والعروبة الحديثة التي تضافرت مع الإسلام. فالكنعانية، ثم الآرامية، التي تمثل السريانية (لهجة يهود خيبر) إحدى مراحلها، ثم العربية القرشية، لهجة القرآن، كلها مشتقة من...
قراءة الكل
مقدمة “معجم أسماء المدن والقرى الفلسطينية”، التي تزيد عن خمسين صفحة بقليل، تحتوي ربطاً وتلخيصاً شديد الأهمية للتواتر الحضاري لمنطقة بلاد الشام، ما بين العروبة القديمة والعروبة الحديثة التي تضافرت مع الإسلام. فالكنعانية، ثم الآرامية، التي تمثل السريانية (لهجة يهود خيبر) إحدى مراحلها، ثم العربية القرشية، لهجة القرآن، كلها مشتقة من أرومة واحدة، وتشكل تسلسلاً طبيعياً. ويدلل الكاتب على ذلك بأن العربية القرشية تفشت بسرعة على ألسنة أهل بلاد الشام بعد الفتح الإسلامي، “مع أن العرب الوافدين مع الفتح كانوا قلة قليلة بالقياس إلى عدد سكان بلاد الشام” (صفحة 14)، ونضيف أن العربية القرشية لم تطغَ على لسان الأقوام ذوي الأصول غير العربية بعد الفتح الإسلامي، كفارس أو تركيا أو غيرهما!ويوضح الكاتب أن أسماء تسعين بالمئة من المدن والقرى الفلسطينية والسورية واللبنانية والأردنية، مشتقٌ من جذرٍ كنعاني أو آرامي، وأن اليهود افتعلوا لهم لهجة هي آرامية أساساً مطعمة بشيءٍ من الكنعانية، أسموها لغةً عبرية، هي في الواقع لهجة مفبركة ولا يوجد لها أي دليل أو أثر تاريخي، بل تؤكد التوراة في سفر أشعيا 19/18 أن اليهود كانوا يتحدثون “شفة كنعان” (صفحة 27). وبسبب التقارب بين “العبرية” المفبركة واللهجات الكنعانية والآرامية، فإن تهويد الأسماء بات يبدو وكأنه عودة بها إلى جذورها اليهودية الأصلية، مما قد يعطي انطباعاً مزيفاً بأن اليهود هم سكان فلسطين الأصليين! وهذا غير صحيح طبعاً، لأن العبرية لهجة مفتعلة أصلاً، والجذر الكنعاني والآرامي هو الأساس، مع الإشارة أن المسلمين لم يغيروا الأسماء الكنعانية والآرامية إلا نادراً، ولو جرى تحويرها أحياناً لتوافق اللسان العربي العدناني (الصفحة 33)، ومع أنهم أطلقوا أسماء عربية عدنانية على المدن والبلدات الجديدة.