يهدف المؤلف في هذا البحث إلى دراسة ووصف بعض الجوانب الحِجاجية للغة العربية، وقد تبنى نظرية "الحجاج في اللغة" (L'argumentation dans la langue) التي وضع أسسها اللغوي الفرنسي أزفالد ديكرو (O. Ducrot)، إطاراً نظرياً ومنهجياً لهذا البحث.وتنطلق هذه النظرية من الفكرة الشائعة التي مؤداها: "أننا نتكلم عامة بقصد التأثير"، وهي تحاول أن تبي...
قراءة الكل
يهدف المؤلف في هذا البحث إلى دراسة ووصف بعض الجوانب الحِجاجية للغة العربية، وقد تبنى نظرية "الحجاج في اللغة" (L'argumentation dans la langue) التي وضع أسسها اللغوي الفرنسي أزفالد ديكرو (O. Ducrot)، إطاراً نظرياً ومنهجياً لهذا البحث.وتنطلق هذه النظرية من الفكرة الشائعة التي مؤداها: "أننا نتكلم عامة بقصد التأثير"، وهي تحاول أن تبين أن اللغة تحمل، بصفة ذاتية وجوهرية، وظيفة حِجاجية، أي أن هذه الوظيفة مؤشر لها في بنية الأقوال نفسها، وفي المعنى وكل الظواهر الصوتية والصرفية والمعجمية والتركيبية والدلالية.وتنتمي دراسة الحِجاج إلى البحوث التي تسعى إلى إكتشاف منطق اللغة، أي القواعد الداخلية للخطاب، والمتحكمة في تسلسل الأقوال وتتابعها بشكل متنامٍ وتدريجي، وبعبارة أخرى فإن الحِجاج يتمثل في إنجاز تسلسلات إستنتاجية داخل الخطاب؛ ولقد كان الهدف من هذا البحث ما يلي: 1-تأكيد فرضية الطبيعة الحِجاجية للغة الطبيعية، 2-إبراز بعض الجوانب الحِجاجية للغة العربية في مستويات عديدة.أما الكتاب فيحمل عنوان: "اللغة والحِجاج"، ويهدف الفصل الأول منه إلى التعريف بنظرية "الحِجاج في اللغة"، والتِعريف بأهم مفاهيمها ومصطلحاتها مثل: الحجة، النتيجة، الروابط والعوامل الحِجاجية، التوجيه، السلم الحِجاجي، المبادئ والمسلمات الحِجاجية، ولقد عالج مبحث مستقل منه ما دعاه بـ"الدلاليات الحِجاجية"، مع التركيز على الطبيعة الحِجاجية للمعنى، والعلاقة القائمة بين المحتوى الإخباري للقول وقيمته الحِجاجية؛ وخصص الفصل الثاني من الكتاب لدراسة بعض الروابط الحِجاجية في اللغة العربية مثل: "بل" و"لكن" و"حتى" لكثرة ورودها وإستعمالها في الخطاب اليومي والعادي.وانتقل، بعد ذلك إلى الفصل الثالث الذي درس فيه ظاهرة الإستعارة، وعمل على إبراز بعض مظاهرها الحِجاجية من خلال مفاهيم السلم الحِجاجي والإبطال والقوة الحِجاجية؛ أما الفصل الأخير، فقد خصص للمقارنة بين الجوانب الإخبارية للكلام وجوانبه الإنجازية والحِجاجية، وإذا كان اللغويون وفلاسفة اللغة وغيرهم قط استعملوا مصطلح "القوة" "La Force" في مجال اللسانيات وفلسفة اللغة، وتحدثوا، في هذا الإطار، عن القوة الإنجازية والقوة الحِجاجية، فقد دفعه هذا إلى العمل على إبراز بعض جوانب سلطة الخطاب وقوة الكلمات.وقد قدم في الكتاب مقترحات وآراء وإجتهادات شخصية عديدة تتعلق بالإستعارة أو بوصف الراوبط العربية أو بظواهر لغوية أخرى.