على الرغم من أن بداية عملية السلام في سريلانكا اتسمت بالقوة ظاهرياً، بعد التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار عام 2002، فإن الحرب في سريلانكا تعود ثانية. وقد تكون حرب إيلام الرابعة، التي تندلع الآن، دليلاً على أنها الحرب الأخيرة والحاسمة بالنسبة إلى إيلام. ويبدو أن حركة "نمور تحرير تاميل إيلام" على أتم الاستعداد والجاهزية لهذه الحر...
قراءة الكل
على الرغم من أن بداية عملية السلام في سريلانكا اتسمت بالقوة ظاهرياً، بعد التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار عام 2002، فإن الحرب في سريلانكا تعود ثانية. وقد تكون حرب إيلام الرابعة، التي تندلع الآن، دليلاً على أنها الحرب الأخيرة والحاسمة بالنسبة إلى إيلام. ويبدو أن حركة "نمور تحرير تاميل إيلام" على أتم الاستعداد والجاهزية لهذه الحرب، فهي مسلحة جيداً بالمال والعتاد، وبالتصميم ووضوح الهدف. وكان كل هجوم انتقامي تشنه الحكومة، يعود بالضرر على كلا الطرفين، ويزيد، بالمقابل، عدد الملتحقين بصفوف نمور التاميل. وعلى العكس منذ ذلك، نجد أن قوات الأمن الحكومية السريلانكية تعيش في فوضى واضطراب، وتشهد القيادات المتسلسلة والمكلفة باتخاذ القرارات حالة من الضياع. كما يبدو القائد العام للجيش وكأنه بعيد كل البعد عن الواقع السياسي والاستراتيجي، الذي يحيط به. أما الدولة نفسها فتفتقد الاستراتيجية اللازمة؛ للتعامل والهجوم الشرس الذي تتعرض له. بالإضافة إلى ذلك فإن معنويات قوات الأمن في تراجع، وانتهاكات حقوق الإنسان في تزايد، علاوة على تزايد عدد الفارين من الخدمة في منطقة الصراع.ويمكننا -من خلال تجميع بقايا صور الأحداث التي شهدها عام 2006- تحديد ملامح الاستراتيجية التي تتبعها حركة "نمور تحرير تاميل إيلام". وتدل الصورة المشكلة على نية مبيتة للعودة إلى الحرب، لكنها حرب تختلف عن الحرب التقليدية، التي سبقت اتفاق وقف إطلاق النار عام 2002. فالاستراتيجية الحالية تقتضي شن حملة تمرّد، قد يتم في لحظة ما استخدامها بأقصى طاقتها، وبشكل يتم تصميمه؛ ليحقق النجاح في الأماكن التي أخفقت فيها الحروب، والمواجهات المباشرة من قبل.وتكاد استراتيجية الحكومة العسكرية تكون معدومة، ويبدو أن رئيس سريلانكا، ماهيندا راجاباكسي ، وهو أيضاً القائد العام للجيش، لم يستوعب بعد طبيعة الآليات الأمنية المطبقة شمال البلاد. ولا دليل يتسم بالوضوح على نمط التفكير الاستراتيجي، المطبق في أوساط التشكيلات القيادية العليا. كما أن النقاد في العاصمة كولومبو يؤكدون أن المشكلة تكمن في عملية صنع القرار المقطعة الأوصال. فقد أحاط الرئيس نفسه، بزمرة من المستشارين الذين يفتقرون إلى مؤهلات يتفق عليها الجميع، باستثناء ولائهم الذليل له.وحين كانت العملية السلمية في أوجها، لم تظهر قط علامات تدل على تحقيق أي تكامل سياسي وعاطفي، بين حركة "نمور تحرير تاميل إيلام" وبين الجنوب، ولا نقول بين السنهاليين والتاميل، يمكن أن يبشر بالتوصل إلى أي شكل من أشكال التسوية الدائمة، لا في كولومبو ولا في كيلينوشي.إن عملية السلام السريلانكية التي تُحْتَضَر حالياً، لن تعود مرة أخرى. ولعل أكثر السيناريوهات المحتملة التحقق، أن تصعّد حركة "نمور تحرير تاميل إيلام" جهودها ونشاطاتها، وهي الحرب التي لن تقدر الحكومة السريلانكية على النهوض بها في المستقبل؛ لافتقارها إلى التنظيم الكافي، من دون تدخل خارجي، ومعونة عسكرية مباشرة. لكن سريلانكا لا تتمتع بالأهمية الجغرافية-السياسية، التي تضمن لها الحصول على مثل هذه المعونة. وهكذا أصبح مفهوم التكامل، أو إعادة التكامل، أقل أهمية، لا بل عديم الأهمية، خلال العام المنصرم.