يحتوي الكتاب على إهداء ومقدمة ومنهجية وخطة بحث، وخمسة فصول تحت كل منها عدة مباحث، وخلاصة وخاتمة وتوصيات ومجموعة من الملاحق، وآلية تقديم الشكوى وقائمة المصادر.قالت المؤلفة آل فريد في مقدمة كتابها: إن بناء دولة المؤسسات والمجتمع المدني من أهم وابرز الخطوات الأساسية التي يحب اتخاذها في رفع مستوى وعي المجتمع بالحقوق والرقي بها، لأنه...
قراءة الكل
يحتوي الكتاب على إهداء ومقدمة ومنهجية وخطة بحث، وخمسة فصول تحت كل منها عدة مباحث، وخلاصة وخاتمة وتوصيات ومجموعة من الملاحق، وآلية تقديم الشكوى وقائمة المصادر.قالت المؤلفة آل فريد في مقدمة كتابها: إن بناء دولة المؤسسات والمجتمع المدني من أهم وابرز الخطوات الأساسية التي يحب اتخاذها في رفع مستوى وعي المجتمع بالحقوق والرقي بها، لأنها هي التي يتم من خلالها دفع الإنسان تجاه تحمل المسؤولية، والوعي بأمور الحياة، واتجاه تطوير قدراته العقلية ومواهبه الذاتية وخصاله الإنسانية، وتحثه على التفكير والإبداع والنقاش والاهتمام بمواضيع ((الكرامة والعدالة والحرية والمساواة والقانون))، والضمان لهذه الحقوق هي الطريق السليم لإعمال هذه الحقوق. والهدف الأساس والرؤية المستقبلية هي بناء مجتمع حضاري متقدم، ينعم أفراده بالحرية والكرامة والرفاهية الاجتماعية، ويؤمن أجياله بحقوق الإنسان.وعن أهمية حقوق الإنسان تقول الكاتبة: يرتبط الحق بالمجموعات البشرية ويتطور بتطورها، ويظل دائما أمرا اجتماعيا محددا بجملة من المعايير والقوانين، وهي بذلك ليست مقولة إنسانية مجردة، إنما تعبير تاريخي وضرورة تاريخية لتنظيم علاقات المجتمع. فالحق هو الحرية في إنجاز فعل ما، وهو مقابل ما هو كائن، مثل الحق في التصويت، وإمكانية المطالبة بأمر ما ك((الحق في العمل)). وينقسم الحق إلى نوعين:حق وضعي: وهو مجموع القواعد الأخلاقية والدينية (القوانين، التقاليد، المعاملات) التي تحكم العلاقات بين الناس في مجتمع ما؛ لذلك يختلف بحسب الدول والأمكنة. وحق طبيعي: هو القانون المستنتج من طبيعة الناس أنفسهم، ومن علاقتهم فيما بينهم بعيدا عن أي اتفاق أو تشريع، وهو مجموعة الأمور التي لكل إنسان الحق في المطالبة بها بناء على انتمائه للطبيعة؛ كالحق في الكرامة والاحترام، وهو بذلك ينطبق بالتساوي على جميع الناس، بغض النظر عن اختلاف الزمان والمكان.وعن التطور التاريخي لحقوق الإنسان، تقول المؤلفة: مفهوم حقوق الإنسان لم يكن وليد العصر الحديث، بل يمكن اعتباره مرتبطا بتاريخ الحضارات؛ عبر التشريعات والأديان والعادات، رغم تبدل هذا المفهوم عبر التاريخ. إنها مسيرة التاريخ البشري نفسه، وصراع الإنسان ضد الظلم والجوع والفقر والمرض والجهل.وعن المصدر الديني لحقوق الإنسان، قالت المؤلفة: إن النظام الإسلامي هو أول من أقر هذه الحقوق، ووضعها بصيغة أحكام في المعاملات التي تنظم علاقة الإنسان بأخيه الإنسان، مهما اختلف السلطان، وفي وقت السلم أو الحرب. تبقى هي أحكام مستمدة من الأصل الديني -التشريع الإلهي - فيما ورد من نصوص إلهية أو أقوال نبوية أو سنة عمل بها لها حكم القول الديني الحكيم. فحقوق الإنسان واردة في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة منذ فجر الإسلام، قبل تدوين شريعة الأمم المتحدة عن حقوق الإنسان، بأكثر من ألف وأربعمائة سنة.وعن المصدر الوطني لحقوق الإنسان، قالت المؤلفة: هي عبارة عن مجموعة حقوق تتوزع على عدد كبير من الأنظمة؛ كنظام الأساسي للحكم، نظام مجلس الشورى، نظام الإجراءات الجزائية، نظام المرافعات الشرعية، نظام المحماة، ونظام العمل.وعن المصدر الدولي والإقليمي لحقوق الإنسان، جاء ما يلي:1- ميثاق الأمم المتحدة2- الإعلان العالمي لحقوق الإنسان3- المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان4- المواثيق العربية الخاصة بحقوق الإنسان.وفي إشارة إلى حقوق الإنسان في القانون المحلي للمملكة أوردت الكاتبة المادة (26) والتي تقول: ((تحمي الدولة حقوق الإنسان وفق الشريعة أﻹسلامية)) والمادة (27) تقول: ((تكفل الدولة حق المواطن وأسرته في حالة الطوارئ والمرض والعجز والشيخوخة وتدعم الضمان الاجتماعي وتشجع المؤسسات والأفراد على اﻹسهام في الإعمال الخيرية)) وجاء في المادة (28): ((تيسر الدولة مجالات العمل لكل قادر عليه، وتسن الأنظمة التي تحمي العامل وصاحب العمل)).وعن أهمية العهدين الدوليين الخاصين بحقوق الإنسان قالت المؤلفة: بأنهما بنيا على أربعة أسس ومرتكزات هامة: أولا: تحرير الشعوب من قهر الاستعمار القديم والجديد. ثانيا: تحرير الإنسان من قهر الإنسان القديم. ثالثا: تحرير الإنسان من قهر وظلم الحكومات والسلطات وأصحاب الأعمال. رابعا: تحرير الإنسان الضعيف من أسباب ضعفه بقدر الإمكان. ولم يكن من الممكن اعتماد العهدين خلال الخمسينات من هذا القرن لأسباب رئيسية أبرزها: أولا: إن الأساس الأول الذي قام عليه العهدان يمس المصالح الحيوية للدول الكبرى المنشئة للأمم المتحدة. ثانيا: إن الأساس الثاني يتعلق بالتمييز العنصري الذي كان يصطدم بواقع الأمور في الولايات المتحدة الأمريكية، وبعض الدول الأوربية ومستعمراتها أو الأقاليم الخاضعة لوصايتها.وعن العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، قالت الباحثة: ولكون هذه الحقوق أساسية متعلقة بذات الفرد وإنسانيته ووجوده فقد أطلق عليها بالحقوق الفردية أو الطبيعية، وهي تمثل الجيل الأول من أجيال حقوق الإنسان، فليس للدولة أو أي احد كان التدخل في هذه الحقوق أو يصادرها.وعن العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية تقول الكاتبة: ويشمل هذا العهد الحقوق التي تنتمي للجيل الثاني من الحقوق، وهي حق العمل والتعليم والعناية الطبية والرعاية الاجتماعية والضمان الاجتماعي، وما يرافق ذلك من فوائد اقتصادية. وتتميز هذه الحقوق في إنها ذات طابع اجتماعي، ولا يمكن أن تتحقق الأمن إلا من خلال وجود الدولة الداعمة.وعن وسائل الحماية الدولية في منظمة الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة، قالت المؤلفة: تتنوع وسائل الحماية القانونية الدولية الخاصة بحماية حقوق الإنسان، وتوصف هذي الوسائل بأنها وسائل إدارية غير قضائية لحماية حقوق الإنسان الدولية، وهناك الوسائل القضائية المتمثلة بمحكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية. وتمثل أهم الوسائل القانونية المتبعة في حماية حقوق الإنسان وضمانها من قبل أجهزة الأمم المتحدة في التالي:1- تقديم التقارير الدورية وإبداء الملاحظات عليها.2- تقديم الشكاوى من دولة ضد أخرى.3- تقديم الشكاوى من الفرد ضد دولته.وعن اللجان المعنية بحقوق الإنسان المدنية والسياسية قالت الباحثة:وتضم الجمعية العامة ست لجان هي: لجنة الشؤون الاجتماعية والإنسانية والثقافية، والجنة السياسية الخاصة، واللجنة الاقتصادية والمالية، ولجنة الوصايا، والجنة القانونية.وعن المنظمات غير الحكومية قالت المؤلفة: أن هذه المنظمات جزء لا يتجزأ من أنشطة الأمم المتحدة، وهي منظمات أو اتحادات أو جمعيات مستقلة عن الدولة؛ تعمل لخدمة أهداف إنسانيه سوا كانت اجتماعية أو ثقافية أو بيئية. يتعدى نشاطها نظام الدولة الواحدة، وتعتبر جزءا من القانون الدولي العام. لاسيما المنظمات غير الحكومية النشطة في مجال حقوق الإنسان، فهي تملك دورا كبيرا وتأثيرا مهما في المجتمع الدولي بجانب المنظمات الدولية الحكومية. ويوجد اليوم في العالم مئات من المنظمات الدولية غير الحكومية التي تهتم بحماية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية ولعل أنشط هذه المنظمات: اللجنة الدولية للصليب الأحمر، منظمة العفو الدولية، المجلس العالمي للكنائس، جمعية مكافحة الرق وحماية حقوق الإنسان، جماعات حقوق الأقليات، اللجنة الدولية للفقهاء، مجمع القانون الدولي، الجمعية الدولية لقانون العقوبات، الجمعية الدولية للمحامين الديمقراطيين، وحركة الفقهاء الكاثوليك.وعن آليات الحماية الإقليمية لحقوق الإنسان ذكرت الكاتبة: وإلى جانب حماية حقوق الإنسان الدولية الحكومية وغير الحكومية، توجد آليات حماية حقوق الإنسان على المستوى الإقليمي الأوروبي، التي أنشئ مجلسها عام 1949م، وضم في البداية 10 دول من أوروبا الغربية، زادت حتى تجاوزت 40 دولة في عام 2003م، وكان الهدف الأساسي من إنشاء هذه المنظمة رعاية واستمرارية النظم الديمقراطية. وتستند الحماية الأمريكية لحقوق الإنسان إلى مصدرين أساسيين هما: ميثاق منظمة الدول الأمريكية، والاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان. وتوضح مقدمة الميثاق أن المهمة التاريخية لأمريكا هي أن تقدم للإنسان أرضا للحرية ومناخا مؤتيا لتطوير شخصيته ولتحقيق آماله المشروعة. وتوضح مقدمة الاتفاقية الأمريكية بأن حقوق الإنسان تثبت له لمجرد كونه إنسان، وليس على أساس كونه مواطنا في دولة معينة. والتنظيم الأفريقي والتنظيم العربي لحقوق الإنسان: وهو تنظيم مشابه في اختصاصه للتنظيم الأوربي، لكنه لم ير النور بعد، بعد تخلف ركب الأمة عشرات السنين عن ركب الأمم العالمية.وعن موقف النظام الأساسي من حقوق الإنسان، فقالت المؤلفة: بانضمام المملكة إلى المعاهدات الدولية تصبح هذه المعاهدات جزءا من النظام القانوني السعودي، وتلتزم المملكة بعدم إصدار أي قانون يخالف ما تضمنته هذه المعاهدات من قواعد. وأما عن آلية حماية حقوق الإنسان، فلا توجد آليات واضحة، ولكن مؤشرات عامة كما ورد في المادة (26).وعن واقع حقوق الإنسان في المجتمع السعودي، أوردت الباحثة: ومنذ تولي الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود سدة الحكم في أغسطس 2005م، شهدت المملكة فسحة بتخفيف بعض القيود التي كان يعيشها المجتمع، شملت أربع قضايا رئيسية على صلة بحقوق الإنسان الخاصة بحرية التعبير، والنزاهة في نظام القضاء، التسامح الديني، حقوق المرأة، وأصبح السعوديون أكثر حرية عن ما كان عليه الحال قبل خمسة أعوام.أما عن حقوق المرأة السياسية والمدنية، جاء في كتابها: فرغم زيادة فاعلية المرأة ونشاطها في حركة الإصلاحات الحالية، إلا إن دورها لا يزال هامشيا، وتظل مكانة المرأة قضية مثيرة للجدل. فأعلى المناصب القيادية تأتي نسبتها 1%، نتيجة للتوجهات المنفتحة نسبيا، التي اتخذها الملك عبدالله لدعم المرأة في المجتمع السعودي.وعن الوعي الحقوقي في المجتمع السعودي، أوردت الكاتبة في بحثها ما يلي: كشفت دراسة أجرتها الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، أن المجتمع في المملكة لا يملك قدرا مناسبا في المعرفة بمجالات حقوق الإنسان، وان هناك خللا في وعي وثقافة المجتمع، حيث تعد الصورة الذهبية ضعيفة بشكل واضح وخاصة بالمؤسسات التي تعمل في مجال حقوق الإنسان.وعن المؤسسات الحقوقية في المملكة ونشر ثقافة حقوق الإنسان، قالت المؤلفة: ستغدو المؤسسات الحقوقية السعودية صاحبات اختصاصات شكلية وعامة؛ متى اقتصر عملها الحقوقي على إبداء الرأي والمشورة، وتقديم المقترحات والتوصيات، وتلقي الشكاوي وإحالتها إلى جهات الاختصاص، والتنسيق مع مؤسسات الدولة المعنية بحقوق الإنسان، إلى جانب عقد الندوات وإصدار النشرات والتقارير على المستوى الحكومي والأهلي.وعن الحقوق المدنية والسياسية في أنظمة المملكة، دونت الكاتبة: كما هو معروف لا يوجد في المملكة دستور بالمعنى السائد دوليا، وإنما نظام أساسي للحكم، ينص في مبادئه العامة على إن ((دستور المملكة هو كتاب الله وسنة رسوله)) ويلحق بهذا النظام كل من نظام مجلس الوزراء، ونظام مجلس الشورى، ونظام المناطق.وعن سمات المجتمع المدني جاء في رسالة الباحثة: للمجتمع المدني أربع مقومات أساسية: الفعل الإرادي الحر أو التطوعي، الوجود في شكل منظمات غير ربحية، قبول التنوع والاختلاف بين الذات والآخرين، وعدم السعي للصول للسلطة. ويمكن إجمال خصائص المجتمع المدني فيما يلي: القدرة على التكيف ومواكبة التطور، عدم التبعية والخضوع للدولة أو لغيرها من المؤسسات والأفراد، تعدد المستويات الراسية والأفقية داخل المؤسسة، وتعدد هيئاتها التنظيمية، ووجود مستويات تراتبية داخلها، وانتشارها الجغرافي الواسع، وعدم وجود صراعات داخل المؤسسة تؤثر في ممارستها لنشاطها وتحدث انقسامات بها.وقالت المؤلفة: إن مفهوم المجتمع المدني الأهلي يعني ممارسة الأمة لدورها في البناء والعمران، بما انه وسيلة الأمة لمنع تغول الدولة وطغيانها.أما المضمون الجوهري لمفهوم المجتمع المدني الأهلي؛ فهو شعور عميق بذاتية المجتمع من كل النزعات التسلطية، وعوامل التهميش والإقصاء والنفي، سواء جاءت من الداخل أم من الخارج.وفي المجتمع الأهلي - قالت المؤلفة: تكون العلاقة والخصائص الحاسمة هي علاقات القرابة والأهل والمذهب الطائفة والعشيرة والقرية؛ لأنها علاقات طبيعية عضوية جمعية تراتبية هرمية. وتأخذ التقسيمات الاجتماعية الكبرى (فقيا وعموديا) في المجتمعات الأهلية تاريخيا، والتي ننحدر نحن منها.أما الجمعيات الأهلية فهي تنظيمات تقوم على الجهود التطوعية لمجموعة من الأفراد المهتمين بالخدمة العامة ويتولون تنظيمها وإدارتها في إطار النظام العام للدولة أو الأنظمة المحددة للعمل الاجتماعي التطوعي، وتعد الجمعيات الأهلية مظاهرا هاما من مظاهر العمل المؤسسي، والتي تسهم في التنمية والمشاركة في الحياة العامة.وعن المجتمع المدني في الحضارة الإسلامية استرسلت الكاتبة قائلة: ساهم الجدل بين العلماء والمثقفين في العالم الإسلامي حول المجتمع المدني إلى التأكيد على المفهوم والتوسع في استخدامه. وبعد أن كان عدد من المتحفظين عليه في ازدياد، استطاع عدد من المفكرين استنطاق المفهوم بصورة جديدة، وخلصوا إلى عدم وجود تصادم فعلي بين المجتمع المدني والمجتمع الإسلامي، فالأول لا ينفى الثاني، والثاني لا يستعدي العداء مع الأول.كما قالت الباحثة: أن للمجتمع المدني دور كبير في تعميق مفهوم المواطنة من خلال السعي إلى عقد تسوية سياسية بين أنظمة الحكم وبقية أطراف المجتمع، يتم عبرها إجراء تغييرات في الأسس التي تقوم عليها السلطة، والدفاع في اتجاه تطوير أساليب الحكم، حتى لا يبقى الوطن أسير عند نخبة مستبدة تهوى السيطرة، وتتفنن في وضع الأقنعة والعناوين الديمقراطية، فيما تخفي في جعبتها الرغبة في قهر الإنسان والوطن.وذكرت الباحثة آل فريد: انه على اثر وجود الدستور تنبني علاقة المجتمع المدني بالدولة، وان المجتمع المدني والدولة مترابطان عن طريق الدستور والتقاليد،التي تؤكد التزام كل منهما، علاوة على حقوق كل منهما تجاه الآخر، مع أن الاستقلال عن الدولة هو احد ملامح المجتمع المدني. وان الالتزام بقاعدة الكياسة التي تنظم السلوك بين الأفراد أنفسهم وبينهم وبين الدولة، شرط ضروري لقيام مجتمع مدني مثالي. أما نظرة التمييز الواضحة بين المجتمع المدني والدولة، إلى الحد الذي يعد فيه الأول وكأنه يقيم حاجزا بين المواطن والدولة؛ فتعتبر نظرة تنطوي على إشكالية. وان العلاقة بين الدولة والمجتمع المدني يحب أن تتسم بالتكامل والرشد والتعزيز المتبادل بين الأدوار، ولذلك اعتبر المجتمع المدني حاميا للمجتمع ككل من الاغتيال والدولة من الزوال.وعن العلاقة بين المجتمع المدني والديمقراطية قالت الباحثة آل فريد: إن العلاقة وثيقة من خلال ما يقوم به المجتمع المدني من ادوار ووظائف تساهم في ترسيخ القيم الديمقراطية من خلال سمات معينة يتسم بها المجتمع المدني، هي: إن المجتمع المدني مؤسساته مدارس للتنشئة السياسية على الديمقراطية، ويجسد المجتمع المدني ومؤسساته مبدأ العمل الجماعي، إن المجتمع المدني بتشكيلات وتنظيماته الإدارية والطوعية، يقوم على مبدأ المواطنة وعلى حرية وحقوق الإنسان، ويتوسط المجتمع المدني بمؤسساته المختلفة العلاقة بين الدولة و الفرد لإيجاد السياق الذي يعبر في عن مصالحه وأفكار وآرائه، مستندا إلى عضويته في مؤسسة من مؤسسات المجتمع المدني، ويخلق المجتمع المدني التوازن بين السلطة وحقوق المجتمع، فمن جهة تحصن مؤسسات المجتمع المدني الفرد ضد سطوة الدولة، ومن جهة أخرى تحصن الدولة ضد ما قد يعترضها من اضطرابات اجتماعية عنيفة.وعن واقع المجتمع المدني في المملكة، قالت الكاتبة: رغم كل التطورات التي مر بها المجتمع السعودي خلال العقود الماضية، وتزايد العمل الاجتماعي، إلا إن العمل الطوعي الاجتماعي المؤسسي المبني على قواعد المجتمع المدني؛ الذي هو احد صفات الدولة الحديثة، كالذي نراه في الكثير من الدول العالم، لا يزال جنينا، وهو في حالة تشكل وصيرورة، ويتطلب الكثير من العمل والجهد لتثبيت مقتضياته في الفضاء الاجتماعي والوطني، وهو لم يبلغ مستوى من النضج بعد في الوقت الحالي، ليقارن بالمجتمعات المدنية حتى على المستوى الإقليمي للدول المجاورة، وما هو موجود في المملكة هو مجرد إرهاصات لتشكل مجتمع وطني مدني. فلا يوجد في السعودية مؤسسات حقوقية تهتم بالشأن العام أو تهتم بقضايا الحيات العامة. ولكن نستطيع القول بتواجد تباشير لمجتمع مدني قد تنتكس نتيجة للفعل والقرار السياسي.وعن المبادرات الأهلية الجديدة، قالت المؤلفة: وشجع وجود الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان عام 1425هجرية، على انطلاق العديد من المبادرات الأهلية التي لفتت الانتباه إلى دورها الرائد في تفعيل الجهود الأهلية تجاه قضايا عامة قريبة من الناس، وتلاقي تمويلا مستمرا، وهي مستقلة عن الأجهزة الرسمية،يقوم بها الشباب على صعيد الرجل والمرأة.كما أن هذه المبادرات على الرغم من محدوديتها إلا أنها شكلت لنفسها موقعا مؤسسيا مؤثرا وكبيرا، وبدأت تتلقى تأييدا ومساندة من مختلف الجماعات والأطراف الشعبية ومن القطاع الخاص. مثلت هذه المبادرات بعضها في تنظيمات عائلية وقروية وقبلية، وتنظيمات في النواحي والأحياء والتي نشأت لأغراض اجتماعية اقتصادية.وعن أداء المؤسسات الحقوقية في المملكة، قالت الباحثة: كان أداؤها جيدا، فلقد كسرت الكثير من الحواجز النفسية في المجتمع، وتخطت العديد من المعوقات البيروقراطية، وعززت ثقافة حقوق الإنسان، فأصبح المصطلح متداولا ومعروفا في المجتمع، ولا يسبب حساسية مفرطة حتى للمؤسسة الدينية، وفسحت المجال أمام وسائل الإعلام وأفراد المجتمع لتناول مواضيع كانت شبه محظورة في السابق، مثل قضايا حقوق المرأة وتهميشها، والعنف الأسري ضد المرأة وطفل، وزواج القاصرات. وبات الحديث دون خشية عن التمييز الثقافي والمناطقي، والفساد المالي والإداري، وتبديد الثروات، وضياع المال العام غيره. سامت في نشر ثقافة حقوق الإنسان من خلال البرامج والأنشطة الثقافية والإعلامية التي تقوم بها.وعن الدور المطلوب من المؤسسات الحقوقية، قالت الباحثة: أولا: التأكيد والمحافظة على استقلالية بعيدا عن الجهات الرسمية. ثانيا: المصداقية عبر المكاشفة والمصارحة بكل العقبات التي تحول دون تطور الأداء وتنفيذ المهام المناطة بها. ثلاثا:توفير خطاب إعلامي صريح باتجاه إبراز القضايا الحقوقية ودعم ثقافة حقوق الإنسان، وعدم الاكتفاء فقط بإصدار التقارير. رابعا: تطوير النشاط الثقافي والإعلامي عبر تنفيذ برامج تقنية حديثة مرئية وغير مرئية، واستخدام كافة الوسائل الإعلامية الحديثة، ووسائل الاتصال الاجتماعي بأكثر حرفية وإبداع. خامسا: الحيادية والمصداقية العالية في التعامل الإداري والحقوقي والقانوني، سواء للأعضاء المنتمين للجمعية وغيرهم، أو في التعامل مع الشكاوى الواردة بعيدا عن الفئوية والطائفية والمناطقية والقبلية. سادسا: توسيع القاعدة الاجتماعية واستقطاب الكفاءات الوطنية وأصحاب التخصصات. سابعا: التزام الشفافية في الإدلاء بالمعلومات والبيانات. ثامنا: تطوير الدور الرقابي والحقوقي. تاسعا: توسيع القاعدة الاجتماعية التي تشترك في تسيير هذه الجمعيات والمؤسسات الحقوقية. عاشرا: إيجاد نظام داخلي بتسم بالمرونة، وقادر على استيعاب مجموع الكفاءات الوطنية.ومن ابرز مجالات الأنشطة الأهلية للمجتمع المدني والتي يمكن أن تنعكس إيجابا على حقوق الإنسان، ذكرت الباحثة: إن من ابرز هذه التجمعات النوادي الرياضية، والنوادي الأدبية والمنتديات الثقافية، ومركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، والهيئة الوطنية والجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، والجمعية المهنية مثل جمعية المهندسين والأطباء البيطريين، وغرف التجارة و مجالس الغرف، وجمعيات البر والجمعيات الخيرية، وجمعيات النفع العام، والمؤسسات الاجتماعية لتيسير الزواج، والأنشطة الثقافية مثل المنتديات الثقافية والحوارية، والبرامج الدينية وتشمل الأنشطة الدينية للمساجد، وجمعيات حقوقية وتشمل هيئات تهتم بالحريات وحقوق الإنسان، والعمل الأهلي-المدني كمؤسسات رعاية المعوقين، والأنشطة التدريبية والتوعية التي تطور كفاءة وقدرة الأفراد، والنشاط الإعلامي الذي يستهدف تطوير مستوى الإدراك والوعي بالقضايا المدنية الحقوقية، وأنشطة الشراكة الوطنية، ومجالس الأحياء التي تهتم بشؤون الناس الخدمية، والحراك الحقوقي.وعن كيفيه تعزيز مشاركة المجتمع المدني في السياسات العامة، قالت الباحثة: لكي تتمكن مؤسسات المجتمع مدنية من تأدية دورها كداعية لبناء مجتمعات مدنية قوة وفعالة ونشيطة، لابد أن تضع في اعتبرها أن المشاكل التي يواجهها المجتمع؛ من ظلم وحرمان وفقر وبطالة وأمية وتمييز وحرمان من المشاركة السياسية وقمع للحريات المدنية، هي نتاج سياسات غير سليمة، سواء كانت محلية أو دولية، وان حل تلك المشكلات لن يتحقق دون عدالة سياسية واقتصادية واجتماعية. وان ذلك لن يتحقق دون وجود مؤسسات المجتمع المدني الأهلية، والتضامن بينها وبين كافة المؤسسات الرسمية، من اجل تحقيق العدالة الاجتماعية، وربط كافة المشاريع باحتياجات السكان الحقيقية، على أن يتم ذلك في إطار وجود خطط عمل طويلة وقصيرة المدى، مع الوضع في الاعتبار أن ذلك لن يتم بعيدا عن التنسيق والتعاون مع شبكات العمل المشترك بين المنظمات الأهلية الدولية.وأما عن المعوقات التي تواجه المجتمع المدني ومؤسساته الأهلية، ذكرت الباحثة: أولا: المعوقات التي تتعلق بالأنظمة والحكومات، من غياب الديمقراطية السياسية والمجتمعية. ثانيا: معوقات تتعلق بالمجتمع ذاته، ومنها اللامبالاة وضعف المسؤولية والمسار ضمن رعاية الدولة الأبوية. ثالثا: إشكاليات تتعلق بمؤسسات المجتمع المدني ذاتها، ومنها تخلف برامج عمل وهياكل هذه المؤسسات.وعن مستقبل المجتمع المدني وحقوق الإنسان في السعودية، فقالت الباحثة: حتى تأخذ مؤسسات المجتمع المدني دورها ومكانتها، لابد من توفر عوامل أساسية أهمها: إرادة سياسية وقرار جرئ وجاد. ثانيا: قدرة النخب الوطنية السياسية والإصلاحية على الاستمرار في مشروع المطالبة بالإصلاح السياسي والثقافي. ثالثا: قدرة النخب الوطنية على تجاوز الانقسامات. رابعا: تطور النشاط المدني والحقوقي الأهلي. وهذا ما سيحدد طبيعة ومستقبل المجتمع المدني وحقوق الإنسان في المجتمع السعودي، الذي يعيش مخاضا في التحول الديمقراطي.