– التفت الشاعر العربى - منذ عصر الإحياء حتى الآن وبدرجات متفاوته - إلى التراث الشعرى الصوفى وكان ذلك الالتفات ضمن التوجه العام نحو التراث . لكن النظرة إلى التراث الصوفى كان لها طبيعة خاصة إذ رأى أدونيس وهو يدقق فى لحظات الثبات والتحول العربى رأى فى اللحظة الصوفية حركة ثورية متطرفة وذلك لأنه يلمس مردود أفكارها على المستوى الاجتما...
قراءة الكل
– التفت الشاعر العربى - منذ عصر الإحياء حتى الآن وبدرجات متفاوته - إلى التراث الشعرى الصوفى وكان ذلك الالتفات ضمن التوجه العام نحو التراث . لكن النظرة إلى التراث الصوفى كان لها طبيعة خاصة إذ رأى أدونيس وهو يدقق فى لحظات الثبات والتحول العربى رأى فى اللحظة الصوفية حركة ثورية متطرفة وذلك لأنه يلمس مردود أفكارها على المستوى الاجتماعى والسياسى . فإذا كانت الصوفية تخرج عن أطر ومحدودات الشريعة وتسعى إلى كسر الحواجز بين الإنسانى والإلهى فإنه من الأولى أن تنتهك الحاجز بين الحاكم والمحكوم فى النظام السياسى وبين الطبقة والأخرى فى النظام الاجتماعى فلم يكن التفاف الشاعر العربى إلى التراث الصوفى مجرد اقتفاء لغة نصية أو تكرار مضمونى لمواجيد المتصوفة وإنما رؤية الصوفية ونصوصها كحركة ضاربة بجذورها فى عمق التراث العربى ، وتتسم مع ذلك بالإنفتاح الإنسانى ، وبعبورها لمحدودية التجربة الإنسانية - تاريخيا وجغرافيا - لأن الصوفية ذاتها تجربة لا تكتمل ، أى لا تعرف الإنتهاء ، فهى إستمرارية ، وكذلك النص الشعرى الصوفى ينبغى ألا تحده الأفكار بل يتم تحرير المعنى فيه عبر تفاعل الكلمات وتفجير طاقة اللغة ، فلقد مارس الشعراء الأسلاف الصوفيون عملية نزع دلالة الكلمة وإعادة شحنها بدلالات جديدة ، حتى تحولت الكلمة الصوفية إلى كينونة أخرى ، واالغة الصوفية إلى إصطلاحات تؤلف على هوامشها المدونات التى تفسر وتعين دلالاتها ، فالمرأة والجسد والخمر والوردة والمحبوب والشوق والغربة ، كل تلك الدوال صارت إلى مدلولات أخرى ، وأصبحت نسقا رمزيا ، بحيث يمكن الكشف عن الفارق الكبير بين أداء الكلمة فى نص صوفى وآدائها فى نص إبداعى آخر .