نبذة النيل والفرات:حظيت آثار المؤرخين المسلمين الأوائل ومناهجهم بإهتمام العديد من الباحثين القدماء والمحدثين وعلى نحو واسع، وتكمن أهمية هذه الرسالة الموسومة: ("سعيد بن المسيِّب" "ت 94هـ/ 712م" حياته ومساهمته في التدوين التاريخي العربي الإسلامي) في أنها حلقةٌ ضمن سلسلة هذه الدراسات، تهدف إلى التعرف إلى أثر "سعيد المسيِّب" بوصفه و...
قراءة الكل
نبذة النيل والفرات:حظيت آثار المؤرخين المسلمين الأوائل ومناهجهم بإهتمام العديد من الباحثين القدماء والمحدثين وعلى نحو واسع، وتكمن أهمية هذه الرسالة الموسومة: ("سعيد بن المسيِّب" "ت 94هـ/ 712م" حياته ومساهمته في التدوين التاريخي العربي الإسلامي) في أنها حلقةٌ ضمن سلسلة هذه الدراسات، تهدف إلى التعرف إلى أثر "سعيد المسيِّب" بوصفه واحداً من العلماء الرواد الأوائل الذين أسهموا على نحو كبير في نشأة وتطور علم التاريخ عند العرب والمسلمين، وأحد أكبر علماء الأمة الإسلامية في عصرالتابعين وأبعدهم أثراً في الحركة العلمية وتأثيراً في طلاب العلم في عصره، وقد ترك "ابن المسيِّب" أثراً واضحاً في معالم الحياة الفكرية في المدينة المنورة، ويعود إليه الفضل في حفظ الثروة العلمية الإسلامية وتثبيتها ونقلها، وبذلك استحق بجدارة أن يطلق عليه العلماء فيما بعدُ (سيد التابعين).اعتمد الكاتب في دراستها على الأسلوب التحليلي والنقدي لمرويات "سعيد بن المسيِّب" التأريخية، من أجل إبراز النقاط التي تميز بها عن بقية المؤرخين من معاصريه وممّن تتلمذ على يده؛ انقسمت هذه الرسالة على بابين يتناولا مختلف الجوانب المتعلقة بهذا الموضوع، اشتمل الباب الأول على سيرة "سعيد بن المسيِّب" وتكوينه الفكري من حيث ولادته واسمه وكنيته ونسبه وعشيرته ونشأته وتكوينه الثقافي لمعرفة أثر تربيته في دراسته ومدى تأثره بالعلوم التي كانت سائدة في عصره، والتعرف إلى علومه ومعارفه، كعلوم القرآن الكريم والسنّة النبوية وتعبير الرؤيا والنسب والأخبار ودراسة خصائص شخصيته التي أهلته ليكون محدثاً ثقة بين أقرانه وشيوخه وتلاميذه، ومن الرواد الأوائل في التدوين التأريخي في الإسلام، والتعرف إلى أسرته، ثم رحلاته في طلب العلم وأثرها في توسيع معارفه وعلومه ثمَّ موقفه من أحداث عصره.ومن خلال دراسة مرويات "سعيد بن المسيِّب" التأريخية اتضح أنه كان ينتقي الأحداث المهمة للأمة الإسلامية، فرواياته عن عصر ما قبل الإسلام لها علاقة برسالة الإسلام، كتاريخ بناء الكعبة وحفر بئر زمزم وحلف الفضول الذي حضره الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وولادة الرسول صلى الله عليه وسلم ورضاعته، وبعث النبي صلى الله عليه وسلم وبدء الوحي، ونزول أول آية من القرآن الكريم على النبي صلى الله عليه وسلم، ووفاة أبي طالب، ووفد قريش إلى النجاشي، وعدد من بايع الرسول صلى الله عليه وسلم في بيعة الرضوان، وهجرة المسلمين إلى الحبشة، والإسراء والمعراج.وآخر النواحي المهمة في الحقبة المكية من حياة الرسول صلى الله عليه وسلم وهجرة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة، وإتخاذ الرسول صلى الله عليه وسلم المنبر، وتحويل القبلة، وكتب الرسول صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي وكسرى وقيصر، والغزوات المهمة، كغزوة بدر وأُحُد والخندق وبني قريظة ويوم الحديبة، وفتح خيبر وفتح مكة، وغزوة حنين، وغزوة تبوك، وإستخلاف الرسول صلى الله عليه وسلم عليّاً بن أبي طالب رضي الله عنه على المدينة في هذه الغزوة، وحجة الوداع، ووفاة الرسول صلى الله عليه وسلم سنة (11) للهجرة.وقد اتسم منهج "سعيد بن المسيِّب" في عرض هذه الأحداث التأريخية المهمة بالحياد وعدم التحيز لأي من الأطراف المتنازعة، فقدّم صورة حقيقية للأحداث كما رأتها المدينة المنورة، وتبين من خلال دراسة هذه المرويات وتحليلها، وضوح القيمة التأريخية، ومدى أثره وإسهامه الواضحين في نشأة علم التأريخ عند العرب والمسلمين وتطوره.