ألفه الدكتور محمد محمد حسين رحمه الله عام 1956م والذي يرصد فيه ويحلل: بداية انقطاع المثقف المسلم عن دوحته العظيمة وتوليه نحو الغرب، وسيادة التيارات الغربية والشرقية الإلحادية، بالوثائق والاستدلال والاستنتاج.والكتاب يقع في جزئين، يتناول الكاتب فيهما الحياة الثقافية والاجتماعية منذ الثورة العرابية 1818م، وحتى إنشاء جامعة الدول الع...
قراءة الكل
ألفه الدكتور محمد محمد حسين رحمه الله عام 1956م والذي يرصد فيه ويحلل: بداية انقطاع المثقف المسلم عن دوحته العظيمة وتوليه نحو الغرب، وسيادة التيارات الغربية والشرقية الإلحادية، بالوثائق والاستدلال والاستنتاج.والكتاب يقع في جزئين، يتناول الكاتب فيهما الحياة الثقافية والاجتماعية منذ الثورة العرابية 1818م، وحتى إنشاء جامعة الدول العربية عام 1945م، مرورا بالحربين العالميتين الأولى والثانية. إذ كانت هذه المرحلة هي الحد الفاصل بين عصرين متباينين في فهم مدلول الوطنية.ويتحدث الدكتور حسين في كتابه عن: النزعة الإسلامية، التي كانت سائدة في تلك المرحلة، وأنها كانت الغالبة على العصر، حين لم تكن الفكرة القومية بمعناها الحديث قد سيطرت على الأذهان، وحين كانت العاطفة الدينية هي المسيطرة على القلوب والعقول، وحين كانت الظروف التي تسود هذا العصر مجتمعة توحي بأن الخصومة بين الشرق والغرب هي الخصومة بين الإسلام والمسيحية، أو هي استمرار للحروب الصليبة.ثم تطورت فكرة القومية على أيدي المتأثرين بالثقافات الأوروبية، وبدأت تهاجم الرابطة الدينية وتعتبرها مصدر شر وتفرقة بين الشعوب، ودعا هذا الفهم الجديد لفكرة القومية إلى أن يهاجمها المتمسكون بالرابطة الدينية، ويعتبرونها خطرا يهدد وحدة الأقطار الإسلامية ويضعف تكتلها أمام الدول الأوروبية الطامعة في استعمارها.وما لبث صوت القومية بمفهومه الجديد أن يخفت؛ بعد إعلان الحرب عليها، وبعد فشل الثورة العرابية، حتى عاد من جديد في نهاية القرن التاسع عشر متأثرا بفكرة القوميات الأوروبية، فظهر من يدعو إلى إحياء المجد الفرعوني والمجد العربي.ومما تعرض له الكتاب في جزئه الثاني: المعركة العنيفة التي قامت بين الجديد والقديم، والدعوات الهدامة التي استهدفت الدين والخلق واللغة وهي ـ كما يقول المؤلف ـ العُمُد التي يقوم عليها المجتمع ويتماسك بها، ويشير إلى أن هذه الرغبة في الهدم كان مبعثها الغفلة والجهل، أو الخيانة والضلال.ويذكر الكاتب أن الصحف والمجلات في تلك الفترة أخذت تنشر مقالات غزيرة؛ تبث أفكار التشكيك في الدين والعقيدة؛ بعضها بأسلوب صادم، والآخر بأسلوب ناعم كنوع من التكامل في أداء المهمة!