في مطلع يناير من كل عام، تفرج الحكومة البريطانية عن الوثائق السرية التي مر عليها ثلاثون عاماً، وذلك طبقاً للقانون البريطاني الخاص بالوثائق التي يحظر نشرها قبل اتمام هذه المدة كحد أدنى، وتهتم حكومات كثير من دول العالم بالوثائق البريطانية، لما تحويه من أسرار وتفاصيل لكثير من الأحداث، وتحوز هذه الوثائق على اهتمام مراكز البحوث، ومرا...
قراءة الكل
في مطلع يناير من كل عام، تفرج الحكومة البريطانية عن الوثائق السرية التي مر عليها ثلاثون عاماً، وذلك طبقاً للقانون البريطاني الخاص بالوثائق التي يحظر نشرها قبل اتمام هذه المدة كحد أدنى، وتهتم حكومات كثير من دول العالم بالوثائق البريطانية، لما تحويه من أسرار وتفاصيل لكثير من الأحداث، وتحوز هذه الوثائق على اهتمام مراكز البحوث، ومراكز رصد الأحداث السياسية، والمكتبات الخاصة والعامة، والكتاب والباحثين وكليات العلوم السياسية والتاريخ والاقتصاد وغيرها في الجامعات، إضافة إلى وسائل الإعلام المختلفة، وتبرز كثير من وسائل الإعلام وخاصة الصحف كثيراً مما تحويه تلك الوثائق من أسرار ومفاجآت، ومن خلال تلك الوثائق يطلع العالم على حقيقة كثير من الأمور المبهمة التي لم تكن واضحة في حينها، ويطلع أيضاً على حقائق الأحداث وخاصة الحروب والتحالفات والمؤامرات والصفقات السرية وعقود مشتريات الأسلحة وصفقات والنفط، إضافة إلى معلومات عن الانقلابات العسكرية والخلافات السياسية. ويحتل عالمنا العربي مساحة كبيرة من معلومات تلك الوثائق، وقد عرضت بعض الصحف العربية في السنوات الأخيرة وثائق تحوي حقائق لم تكن معروفة في حينها، وهذا ما يميز الوثائق، وتكتسب الوثائق البريطانية بالذات أهمية كبيرة لكونها مراسلات رسمية تتم بين أعضاء الحكومة البريطانية، وتكتب في وقت الحدث ومكانه، وتتميز بالدقة والتفاصيل الكثيرة، وتوضح موقف الحكومة البريطانية من مختلف الأحداث العالمية سواء كانت مشاركة بها بشكل مباشر أو مجرد راصدة لتلك الأحداث، لذا نقرأ في تلك الوثائق الكثير من التفاصيل عما يجري خلف الأبواب المغلقة. في مطلع يناير 2002، أفرجت الحكومة البريطانية عن وثائق عام 1971، وهو من أهم الأعوام بالنسبة لدولة الإمارات العربية المتحدة، لأنه شهد ثلاثة أحداث مهمة، وهي على التوالي: الانسحاب البريطاني من المنطقة، والاحتلال الإيراني لجزر أبو موسى وطنب الكبرى والصغرى، وإعلان قيام دولة الإمارات. وفي مطلع يناير 2003 تم الإفراج عن وثائق عام 1972 وهو عام لا يقل أهمية عن سابقه، فهو العام الأول للاحتلال الإيراني للجزر، والعام الأول أيضاً لقيام دولة الإمارات. ونظراً لأهمية أحداث هذين العامين قمت بدراسة بعض الوثائق المفرج عنها والتعليق عليها. وتحوي الوثائق المذكورة الكثيرة من أسرار المباحثات البريطانية -الإيرانية بخصوص قضية الجزر والاتفاقات التي تمت بين الجانبين، إضافة إلى مباحثات الإنسحاب البريطاني من المنطقة، ومباحثات الاتحاد التساعي بين الإمارات التسع وهي: البحرين، قطر، أبو ظبي، دبي، الشارقة، عجمان، أم القيوين، رأس الخيمة والفجيرة، والأيام الأخيرة لتلك المباحثات التي نتج عنها انسحاب كل من البحرين وقطر أواسط عام 1971، وتم استعراض جانب من مباحثات الاتحاد السباعي في منتصف عام 1971. الوثائق موضوع الدراسة متنوعة ومن أكثر من مصدر، منها وثائق وزارة الدفاع البرطيانية ويرمز لها (DEFE)، وملفات مجلس الوزراء (CAB) ورئيس مجلس الوزراء (PREM) ووزارة الخارجية (FCO).