لقد أصبح الاستثمار في العقل البشري وتنميته وتطويره هو محور الأساس في حياتنا المعاصرة وهو مصدر الاستثمار القادم بقوة في عالم المعرفة.وحيث أن العلوم تتضاعف بشكل مذهل فإن على الإنسان لكي ينجح في حياته أن يضطلع بكم كبير وديناميكي من المعارف الغزيرة والمتجددة، وأن يعرف كيف يمتلك المعلومة كمخزون معرفي وليس كمعلومة تحفظ بشكل جامد ثم تن...
قراءة الكل
لقد أصبح الاستثمار في العقل البشري وتنميته وتطويره هو محور الأساس في حياتنا المعاصرة وهو مصدر الاستثمار القادم بقوة في عالم المعرفة.وحيث أن العلوم تتضاعف بشكل مذهل فإن على الإنسان لكي ينجح في حياته أن يضطلع بكم كبير وديناميكي من المعارف الغزيرة والمتجددة، وأن يعرف كيف يمتلك المعلومة كمخزون معرفي وليس كمعلومة تحفظ بشكل جامد ثم تنسى، لأن المعلومات بدون آليات تفكير ومعالجة تصبح عبثاً وضياعاً، لذلك على متلقي المعلومات أن يعيد إخراجها ويعالجها بشخصيته بكل مصداقية وجدية وتناسق.وفي عصر تفجر المعرفة حيث يشير علم المستقبل إلى أن المعرفة البشرية تتضاعف كل ثلاث إلى خمس سنوات فإن أهمية محتوى المناهج الدراسية يتناقص من سنة إلى أخرى. ومن ثم فإن النتيجة الحتمية لذلك هي زيادة الاهتمام بما يطلق عليه السيكولوجيون تعليم التفكير لذلك فإن برامج التدريب على مهارات التفكير سواء من خلال محتوى دراسي أو من خلال برامج مستقلة لا بد أن تصبح هدفاً أساسياً في تعليم المستقبل لأنها ستبقى لدى المتعلم بمثابة الغذاء الذي ينفعه رغم تغير ظروف الزمان والمكان.ومن هنا جاء الاهتمام بطرح تساؤلات حول: لماذا تعليم التفكير؟ وهل التفكير يعلم؟ وهل هو مهارة قابلة للتعليم؟ أم هو موهبة تتم بشكل تلقائي عند الحاجة؟وهنا يشار إلى أن الإنسان يحتاج إلى التفكير عندما يريد تفكيك عناصر وتحليلها وإدراكها لاتخاذ موقف أو قرار محدد تجاهها، وحتى يحلل ويتخذ قراراً يجب أن يدرك أبعاد الحالة بعمق، هذا بالإضافة لحاجته لإدراك صوابية قراراته السابقة وتطور إدراكه باستمرار.ومن ثم فإن العلاقة بين المعلومة والتفكير هي جوهر المعرفة، ومن لا يستطيع التفكير بآليات فعالة وعلمية وسريعة هو إنسان بطيء وغير فعال في التحريك والعمل والإبداع، ولن يستطيع تقدير الحالة بسرعة، ولن يصل إلى الحلول المقنعة والفعالة في الوقت المناسب.إن إنسان اليوم هو حالة معرفية بكل معنى الكلمة، يتعامل مع المعلومات في كل لحظة من لحظات حياته، وحين يخرج هذه المعلومات عليه أن يضيف إليها إجراء ما حتى يظهر الاختلاف وتتضح صورة التفكير التي يمتلكها.والتفكير لا يتم إلا من خلال حوار ذاتي، هذا الحوار يعكس صورة التوازن في شخصيته كإنسان وتقديره للمواقف الحياتية التي يمر بها وقوة إدراكه لهذه المواقف. ولا يمكن لإنسان أن ينجح في التفكير السليم ما لم يمتلك المنطق والتوازن والحياد وعدم التحيز والموضوعية إزاء المواقف التي يواجهها.وما تسعى إليه هذه الدراسة هو إلقاء الضوء على سيكولوجية التفكير وذلك خلال تطرقه إلى تعريف التفكير، مستويات التفكير، التفكير التباعدي والإبداع، نموذج البناء العقلي-جيلفورد، نظرية بلوم المعرفي، برامج تعليم التفكير واسترتيجيات وإجراءات، قياس التفكير وفق نموذج بلوم المعرفي.