أصل هذا الكتاب رسالة نال بها صاحبها درجة الدكتوراه في القانون من كلية الحقوق بجامعة الإسكندرية ونالت الرسالة جائزة أحسن الرسائل لعام 2001 - 2002 من ذات الكلية.تعد فكرة النظام العام من الأفكار المحورية التي يرتكز عليها النظام القانوني كله، فهي ذات وظيفة لا غنى عنها لأي نظم قانوني وضعي. فمن الوجهة المباشرة تقوم في مجال التصرفات ال...
قراءة الكل
أصل هذا الكتاب رسالة نال بها صاحبها درجة الدكتوراه في القانون من كلية الحقوق بجامعة الإسكندرية ونالت الرسالة جائزة أحسن الرسائل لعام 2001 - 2002 من ذات الكلية.تعد فكرة النظام العام من الأفكار المحورية التي يرتكز عليها النظام القانوني كله، فهي ذات وظيفة لا غنى عنها لأي نظم قانوني وضعي. فمن الوجهة المباشرة تقوم في مجال التصرفات القانونية بضبط الإرادات باعتبارها حداً عليها، فتحد الإرادة الفردية حدها الإرادات الجمعية بل إرادة الدولة ذاتها. أما من الوجهات غير المباشرة فقد قامت تلك الفكرة بأدوار مهمة متفاوتة، بداية من صياغة العقل الجمعي الأوروبي على أصل من مفاهيم الدولة الحديثة ذات المرجعية البورجوازية، وانتهاءً بكونها نافذة الجماعة للإطلال على الساحة القانونية بقيمها وأفكارها الكلية، مروراً بكونها أداة الدولة في الحفاظ على الأنساق القيمية المتبناة من قبلها في مواجهة كل دعاوى التغيير.وهذا الأمر أثار لدى الدكتور "عماد طارق البشري" اهتماماً مخصوصاً بهذا المفهوم لمحوريته القانونية، وارتكازه إلى غير ساحة القانون إذ من جوانبه ما يقف خارج النطاق القانوني في الساحة المعروفة "بما وراء القانون"، حيث الحراك المجتمعي الذي على أصل مما يستقر عليه، يصاغ الإطار الشرعي للمجتمع. وهو ما حدا به إلى الشروع في هذه الدراسة وذلك على المستوى الوضعي، مع إجراء مقارنة مع المستوى الشرعي الإسلامي، لما بين النظامين القانونيين من اختلاف جوهري، اختلاف له فائدته على مستوى تحليل المفهوم، إذ بدارسة الشريعة الإسلامية، المختلفة تأصيلاً عن النظم الوضعي، يمكن إبراز عناصر النظام العام الوضعية بإبراز نقيضها في النظم الديني.لذلك سعى من خلال دراسة هذه للإجابة على بعض من التساؤلات التي تتعلق بالآتي: 1-تحديد ماهية مفهوم النظام العام، من حيث الخصائص والأركان والمقاصد فضلاً عن المصالح التي يرنو المفهوم صوب تحقيقها. 2-مدى إمكان تصنيف قواعد النظام العام إلى مجموعات، بما يفيد إقامة هيكل نظري لمفهوم تلك الفكرة يمكن توزيع قواعده على مستويات ذلك الهيكل المتراتبة. 3-رصد موقف الشريعة الإسلامية من كل ذلك، هل عرفت مفهوم النظام العام، وبأقل تقدير هل شهدت أي سمات له، أم أن ثمة ما قام بدوره في النطاق الوظيفي الشرعي، أم أن الأمر لم يحتج إلى تلك الفكرة أو أي من عناصر مفهومها؟، 4-وأخيراً ما مردود ذلك المتوصل إليها نظرياً على المستوى التطبيقي بالتصورات الفقهية، فضلاً عن مردودة على الاتجاهات القضائية المختلفة؟وليعطي كافة جوانب المواضيع قام بتقسيم الدراسة إلى ثلاثة أبواب على النحو التالي: الباب الأول: تاريخ فكرة النظام العام، وهو دراسة ترنو إلى بحث الفكرة من حيث هي سيرة ذاتية، فيبحث عن أصول نشأتها وأسباب ظهورها والعوامل السياسية والاجتماعية والاقتصادية الكامنة فيما وراء القانون، التي إليها يرجع فضل بروز الفكرة وتطورها، وحتى تمام تبلورها على نحو ما هي متحققة عليه، إضافة إلى البعد الفلسفي الذي تهيأت على نهجه تلك الفكرة مفهوماً قانونياً أصيلاً في النظم القانونية الوضعية شتى. وعليه فقد انقسم هذا الباب إلى: 1-الفصل الأول: أساس شرعية الدولة القومية. 2-الفصل الثاني: فكرة النظام العام في ظل الحداثة القانونية. 3-الفصل الثالث: الأساس الفلسفي لفكرة النظام العام.الباب الثاني: فكرة النظام العام من الناحية التأصيلية، تناولها هذا الباب من خلال منهج تحليلي للتكوين الذاتي للإطار الكلي لمفهوم فكرة النظام العام، في محاولة للتوصل إلى أركان وجودها وعناصر ماهيتها. من خلال هذا التحليل توصل البحث إلى تكوين هيكل مفهوم فكرة النظام العام وقد توزعت قواعد هذا المفهوم في مجموعات على مستوياته المتراتبة. وكان لا بد للبحث من النظر في رؤية الشريعة الإسلامية لمفهوم فكرة النظام العام في محاولة لاكتشاف الكيفية التي تعاملت فيها الشريعة الإسلامية وظيفياً مع الفكرة. وانقسم هذا الباب إلى فصلين هما: 1-الفصل الأول: النظام العام في التشريع الوضعي. 2-الفصل الثاني: النظام العام في الشريعة الإسلامية.الباب الثالث: وهو الجانب التطبيقي لهذا البحث، وفيه حاول البحث الكشف عن موقف القضاء من قواعد فكرة النظام العام والإطار الهيكلي لهذه الفكرة وذلك من خلال النظر في ثلاثة مجالات قضائية هي على التوالي: النظام العام في قضاء القانون العام (القضاء الدستوري والإداري)، النظام العام في قضاء القانون الدولي الخاص، النظام العام في قضاء الأحوال الشخصية.وقد انقسم هذا الباب بدوره إلى ثلاثة فصول عالج كل منها فكرة النظام العام في مجال من المجالات القضائية سالفة الذكر.أما خاتمة الرسالة ففيها بلور البحث الصورة النهائية التي استوى عليها وجود النظام العام عليها، سواء في التشريعات الحديثة أو من خلال التطبيقات العملية التي أثبتتها الأحكام القضائية.يضم هذا الكتاب دراسة مقارنة بين التشريع الإسلامي والقانون الوضعي. فالشريعة الإسلامية تتأسس كلياً على أصل ما قرره الله سبحانه وتعالى من تصورات نظرية فلسفية للحياة، تلك التي تمثل بأطرها الفكرية المرجعية الحاكمة للعقل البشري، وعليه فالعقل المسلم وهو بصدد صياغة أوضاعه القانونية، لم يكن بحاجة إلى رسم إطار مرجعي عن طريق تأصيل النظريات كي يقيس عليها أصول المشروعية، فذاك جميعه قائم بأصل الشرعة الإلهية.إذ أن أصل افتراض الأشياء من لدن الوحي السماوي، بحيث تستقر التصرفات المتعلقة بها صحيحة ما دامت التزمت ذلك النطاق، والسلطة لا تتمتع بالهيمنة المطلقة وإنما هي مقيدة في أصل شرعتها، بالتزام الحد المقرر ديناً لأصول الحكم، فإن تجاوزته فلا طاعة لها. وفكرة النظام العام من الأفكار المحورية التي يرتكز عليها النظام القانوني كله، فهي ذات وظيفة لا غنى عنها لأي نظم قانوني وضعي. وذلك بعد أن تخلت السلطة عن الحكم الديني باختلاف اتجاهاته من جهة، وحاجتها إلى نظم ونظريات تمثل المرجع الأعلى لتقويم السلطة والحكم، ولتلعب دوراً على المستوى التنظيري، يكافئ الدور الذي كانت تلعبه المحددات الدينية من قبل من جهة أخرى.وهذه الدراسة القانونية تتسع إلى أبعد من كونها ساحة للقانون، ففيها جوانب ما يقف خارج النطاق القانوني حيث الحراك المجتمعي الذي على أصل مما يستقر عليه، يصاغ الإطار الشرعي للمجتمع، مع مقارنة بينه وبين التشريع الإسلامي، لما بين النظامين القانونيين من اختلاف جوهري. إذ بدراسة الشريعة الإسلامية المختلفة تأصيلاً عن النظم الوضعي، يمكن إبراز عناصر النظام العام الوضعية بإبراز نقيضها في النظم الديني.لذلك تسعى هذه الدراسة للإجابة على بعض من التساؤلات التي تتعلق بالآتي: تحديد ماهية مفهوم النظام العام، من حيث الخصائص والأركان والمقاصد. مدى إمكان تصنيف قواعد النظام العام إلى مجموعات. رصد موقف الشريعة الإسلامية من كل ذلك. وأخيراً ما مردود ذلك المتوصل إليها نظرياً على المستوى التطبيقي بالتصورات الفقهية، فضلاً عن مردودة على الاتجاهات القضائية المختلفة؟