كرم الله تبارك وتعالى بني آدم، وميزهم عن غيرهم من الكائنات الحية بالعقل، الذي هو أداة الاختيار والرضا. لذا كان من البديهي أن يناط تكليفهم بمدى قدرتهم على استعمال هذه العقول في التمييز بين الخير والشر والحسن والقبيح، والتصرف بحرية تبعًا لذلك. غير أن الإنسان قد يعتريه أحيانًا بعض العوارض التي تمنعه من التصرف الذي يرضاه، وتجعله يتص...
قراءة الكل
كرم الله تبارك وتعالى بني آدم، وميزهم عن غيرهم من الكائنات الحية بالعقل، الذي هو أداة الاختيار والرضا. لذا كان من البديهي أن يناط تكليفهم بمدى قدرتهم على استعمال هذه العقول في التمييز بين الخير والشر والحسن والقبيح، والتصرف بحرية تبعًا لذلك. غير أن الإنسان قد يعتريه أحيانًا بعض العوارض التي تمنعه من التصرف الذي يرضاه، وتجعله يتصرف تصرفًا آخر لا يرتضيه، ولا ترتضيه الطباع البشرية، ولا الشرائع السماوية. إما لعدم عقله بالكلية في حالة الجنون والصغر والنوم، وإما لعارض قد يعتريه مع وجود العقل، كما في حالة الخطأ والنسيان والإكراه. إذا تقرر ما سبق يمكن القول بأن الإكراه يفقد المكره قدرته على التصرف بحرية مبنية على المصلحة المشروعة ويحوله إلى مجرد أداة في يد المكرِه يتصرف وفق هواه دون نظر إلى رضا المكرَه أو عدم رضاه.