ليس غريباً أن يتزايد الإهتمام بالتدريب بوجه عام والتدريب الأمني بوجه خاص في الدول العربية خلال العقدين الماضيين. فالذي حدث خلالهما ويحدث اليوم من أحداث بالغة الخطورة لم يعد ممكناً تجاهله بعد أن تفاقمت أضراره وتنوعت أشكاله وأقلقت إفرازاته أمن البلاد والعباد وتأثرت بسببه برامج التنمية والإصلاح والتطوير. كما لم يعد ممكناً أن تكتفي ...
قراءة الكل
ليس غريباً أن يتزايد الإهتمام بالتدريب بوجه عام والتدريب الأمني بوجه خاص في الدول العربية خلال العقدين الماضيين. فالذي حدث خلالهما ويحدث اليوم من أحداث بالغة الخطورة لم يعد ممكناً تجاهله بعد أن تفاقمت أضراره وتنوعت أشكاله وأقلقت إفرازاته أمن البلاد والعباد وتأثرت بسببه برامج التنمية والإصلاح والتطوير. كما لم يعد ممكناً أن تكتفي الأجهزة الأمنية العربية ومسؤولها بأقوال يسهل ترديدها والتغني بها، لكنها كثيراً ما تظل أقرب للأمنيات والأحلام منها إلى الواقع في حين يشهد المواطن العربي بين الحين والآخر ما يعرض أمامه من مشاهد القتل والدمار ويقرأ ما تثبته الصحف اليومية من تقارير حول الخسائر البشرية والمادية، ناهيك عن الهلع والقلق والخوف الذي يراود أصحاب المشاريع الإستثمارية من المواطنين والأجانب وما يصاحب ذلك من جهود وأموال تبذل للوقاية منها أو التأمين عليها. وكما هو شأنهم في التصدي للقضايا الكبرى التي تستوجب التحرك والمبادرة فإن وزراء الداخلية العرب قد إستشعروا مسؤوليتهم إزاء ما يقع وما يحتمل وقوعه، فوضعوا الإستراتيجيات ورسموا السياسات وعقدوا المعاهدات والإتفاقات التي من شأنها أن تحول دون إستمرار الأخطاء والحد من الجرائم وأخطارها. ويأتي إهتمامهم بالتدريب الأمني مكملاً لتلك الجهود بعد أن أرسوا قاعدته التحتية المتمثلة بإقامة المركز العربي للدراسات الأمنية والتدريب ومقره الرياض، الذي تحول بفضل رعايتهم وإهتمامهم بالمعرفة وبالمهارات وإعداد الرجال، إلى هذا الصرح العربي الشامخ المتمثل بجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية. وهذه الدراسة حول واقع التدريب الأمني العربي وآفاق تطويره تأتي إسهاماً من جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية في اللقاء الأمني العربي الذي تنظمه الأمانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب في عام 2007 م، آملين أن تسهم في تحقيق الأهداف المحددة لها. وقد تضمنت الدراسة ستة فصول. تناول الفصل الأول منها التعريف بهدف الدراسة وأهميتها وتساؤلاتها ومنهجيتها ومحدداتها وحدودها وهيكليتها. وإستعرض الفصل الثاني الإطار النظري لماهية التدريب الأمني وأهميته ولأنواعه ولمرحلة الرئيسية وموجزاً لبعض الدراسات السابقة التي تناولت واقع التدريب الأمني العربي. أما الفصل الثالث فخصص للتجارب العربية والإنجازات المتخصصة على صعيد البنى التحتية والبرامج التدريبية التي تضمنتها الخطط السنوية لكل قطر فيها، وخصص الفصل الرابع لعرض بيانات الدراسة الميدانية والتحليلات الإحصائية التي أجريت عليها ومناقشتها. وفي الفصل الخامس عرضت تجربة جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية في مجال التدريب الأمني والبحوث العلمية والتي أنجزتها عبر العقدين الماضيين، أما الفصل السادس فأبرز أهم الإستنتاجات والتوصيات وآفاق التطوير المستقبلية للتدريب الأمني العربي.