لم يحظ التأديب- بصفة عامة- باهتمام فقهى يتناسب مع أهمية باعتباره آلية الإدارة لإصلاح الخلل غير المبرر فى الأداء الوظيفى للعامل، الأمر الذى يلقى بانعكاساته السلبية على قيام المرافق العامة بواجبها نحو المنتفعين بخدماتها، لذلك رأيت إعداد هذا المؤلف، والذى اعتبره مكملاً لسابقيه فى الضمانات التأديبية فى الوظيفة العامة والشرعية الإجرا...
قراءة الكل
لم يحظ التأديب- بصفة عامة- باهتمام فقهى يتناسب مع أهمية باعتباره آلية الإدارة لإصلاح الخلل غير المبرر فى الأداء الوظيفى للعامل، الأمر الذى يلقى بانعكاساته السلبية على قيام المرافق العامة بواجبها نحو المنتفعين بخدماتها، لذلك رأيت إعداد هذا المؤلف، والذى اعتبره مكملاً لسابقيه فى الضمانات التأديبية فى الوظيفة العامة والشرعية الإجرائية فى التأديب الرئاسى والقضائى للموظف العام والسابق لى إصدارهما فى طبعتين متتالين، وذلك فيما يتضمنه من تحديد للعقوبات والجزاءات التأديبية وضوابط صحة توقيعها وكذلك سلطتى التأديب الإدارية والقضائية والطعن فى قرارات الأولى وأحكام الثانية.إضافة لما انطوى عليه ذلك المؤلف من تحديد لموانع العقاب وحالات انقضاء الدعوى التأديبية، ذلك لأنه إذا كان يحق للإدارة توقيع العقاب التأديبى على العاملين بها زجراً لهم عما ارتكبوه من ذنب إدارى لمنع معاودة إتيانه ذلك السلوك المعيب وردعاً لغيرهم حتى لا يحذوا حذوهم فى ارتكاب مخالفات تأديبية، فإن مشروعية ذلك تقتضى أن يكون عقابهم عن أفعال تشكل جرائم تأديبية، وأن يكون عقابهم عنها بعقوبات لا يكفى لمشروعيتها أن تكون منصوص عليها تشريعياً بل يجب أن تكون أيضاً متناسبة مع جسامة الفعل، ويقابل حق الإدارة فى توقيع العقاب على العاملين بها حق من وقع عليه العقاب فى التظلم من قرار الجزاء أمام الإدارة، أو اللجوء إلى القضاء طلباً للإنصاف، إذا رفضت الإدارة تظلمه صراحة أو ضمناً. وعلى الرغم مما يتوافر أمام المحاكم التأديبية من ضمانات للمحال إليها تكفل محاكمته محاكمة عادلة، إلا أنه يبقى لمن صدر ضده حكم تأديبى الضمانة الأهم وهى الطعن فيه أمام المحكمة الإدارية العليا، والتى يكون لها حق الفصل فى موضوع الطعن المقام أمامها، أو إعادة الدعوة إلى المحكمة التأديبية الصادر عنها الحكم لإعادة المحاكمة أمام دائرة أخرى، أو لمجلس التأديب المطعون فى قراره إعادة النظر فيه بتشكيل آخر غير ذلك الصادر عنه القرار التأديبى. بقى مسألة هامة رأيت إلقاء الضوء عليها فى هذا المؤلف ألا وهى انقضاء الدعوى التأديبية بالتقادم، وفقا لأسباب محددة يؤدى توافر إحداها لفقدان النيابة الإدارية لاختصاصها بتحريك الدعوى التأديبية، سواء كان ذلك الانقضاء تشريعياً كما فى حالة العفو الشامل عن العقوبة، أو إلغاء النص المؤثم للفعل والذى حوكم العامل لأجل ارتكابه، وذلك يجعله فعلاً مباحاً. كما قد تنقضى الدعوى التأديبية بترك العامل للخدمة سواء لوفاته أو استقالته وفصله بغير الطريق التأديبى أو عزله من وظيفته كعقوبة تبعية أو تكميلية أو فصله منها استناداً إلى حكم جنائى، إضافة إلى ما تقدم فإن الحق فى إقامة الدعوى التأديبية يسقط بالتقادم والذى تختلف مدته وبدء سريانه بحسب الهيكل الإدارى الذى ينتمى إليه العامل من حيث كونه من العاملين بالحكومة أو القطاع العام.