تأكيداً على أن موضوع الروح هو الثيمة الأساسية لمجموع روايات هذه الرواية الملحمة، من خلال مسيرة الحب والحرب التي خاضها بطل الرواية، بادئاً رحلته من صحراء الحمادة الحمراء، منتقلاً إلى عاصمة بلاده طرابلس، ثم إلى بر الأحباش ضمن جنود الحملة الإيطالية على الحبشة، ثم إلى القاهرة والصحراء الغربية خلال الحرب العالمية الثانية عائشاً تلك ا...
قراءة الكل
تأكيداً على أن موضوع الروح هو الثيمة الأساسية لمجموع روايات هذه الرواية الملحمة، من خلال مسيرة الحب والحرب التي خاضها بطل الرواية، بادئاً رحلته من صحراء الحمادة الحمراء، منتقلاً إلى عاصمة بلاده طرابلس، ثم إلى بر الأحباش ضمن جنود الحملة الإيطالية على الحبشة، ثم إلى القاهرة والصحراء الغربية خلال الحرب العالمية الثانية عائشاً تلك المفارقة التي عاشها كثير من الليبيين الذين بدأوا الحرب مجندين مع المحور يحاربون في صفوفه جيوش الحلفاء، ثم انتهوا إلى محاربين في جيش الحلفاء ضد قوات المحور، عائداً إلى وطنه وإلى وظيفة قيادية في بلاده حلاف فترة الحماية البريطانية لليبيا، ثم إلى الصحراء التي منها بدأن لتكتمل الدائرة وتنتهي أجزاء الرواية الاثني عشرية.إنها ملحمة زاخرة بالأتراح والأفراح والأحداث الجسيمة، عاشها أبناء الجيل الذي ينتمي إليه عثمان الحبشي، حاولت الرواية تقديم أقباس منها بلغة السرد الروائي وتقنياته وجماليته، التي لا تكتفي بتسجيل الأحداث ولا تجعل ذلك هما رئيسياً لها، فمهمتها الأساسية هي خلق عالم سحري يوازي الواقع بدلاً من أن تسعى لنقله على الورق، باعتبار الفن تقطيراً للتجربة الإنسانية وليس تسجيلاً لها أو ترحيلاً لأحداثها سواء باستخدام عامل الانتقاء أو بمحاولة نقل هذه الأحداث بعجزها وبجرها إلى عالم القصة، وهي لغة لا تكتفي بالبقاء لغة وصفية نثرية. وإنما تشحن سردها بلغة الشعر وجدل الواقع والأسطورة والحقيقة والفانتازيا والحوار والمونولوج والاسترجاع من أجل أن تفلح في خلق عالم زاهر بالدلالات الفلسفية والفكرية."تراجعت باتجاه الكوخ لا بدال ملابسي، إلا أنها مدت يدها تسألني أن أعينها في الوقوف، وما أن وقفت حتى أحاطتني بكلتا ذراعيها والصقت جسمها بي، تعفر ثوبها الأبيض بالطين الذي يغطيني كان هذا الطين مادة مباركة تريده، أن يغطي أيضاً ثوبها ويصل إلى أطراف من جسمها، أحست بدفء هذا الجسد الأنثوي وليونته، بنبضه ووهجه وحساسيته فاحتويته بين ذراعي اهصره والتصق به، ووجدت وجهها قريباً من وجهي، وفمها يبحث عن فمي، وخصلات من شعرها تحجب الرؤية عني وبدون أن آدرين أو أعرف تفسيراً لسلوكي وجدت نفسي انهمر بالبكاء".