ان هذا كتاب في دراسة تاريخ الأدب العربي في العصر العثماني، أعددناه للطالب الجامعي الذي أعدّ نفسه لنيل شهادة آداب اللغة العربية بكلية الآداب، حاولنا أن ننظر نظرة جديدة في شعر هذا العصر من تاريخ أدبنا العربي، وهو عصر أهمله الباحثون ونعتوه بأنه أدب عصر الانحطاط، لما فيه من عُقم، وجمود، وبذلك لم يتعرّضوا لهذا الأدب، وإنما تناولوا عص...
قراءة الكل
ان هذا كتاب في دراسة تاريخ الأدب العربي في العصر العثماني، أعددناه للطالب الجامعي الذي أعدّ نفسه لنيل شهادة آداب اللغة العربية بكلية الآداب، حاولنا أن ننظر نظرة جديدة في شعر هذا العصر من تاريخ أدبنا العربي، وهو عصر أهمله الباحثون ونعتوه بأنه أدب عصر الانحطاط، لما فيه من عُقم، وجمود، وبذلك لم يتعرّضوا لهذا الأدب، وإنما تناولوا عصور الأدب في قديم الأزمنة وحديثها، متخطين أربعة قرون من التأريخ الأدبي تمتد من سنة 923هـ/1517م حتى سنة 1335هـ/1917م، أي منذ استولى السلطان سليم الثاني على مصر وبلاد الشام حتى هزيمة العثمانيين في الحرب العالمية الأولى.ومن هذا المنطلق فقد حاولت رصد مسيرة الأدب في العصر العثماني من خلال نظرة جديدة في أدب هذا العصر، وتقويمه تقويماً جديداً يعتمد على الدراسة الموضوعية الجادّة، مع الإشارة إلى أن اللغة العربية كانت موضوع رعاية العثمانيين في عهودهم الأولى، في حين تعرّضت لهجمة شرسة في عهودها الأخيرة على أيدي جماعة من الأتراك المتعصبين عُرفوا بحزب الاتحاد والترقي، إذ ظهرت سياسة التتريك مع بزوغ النهضة العربية الحديثة.ولست أزعم أني أول من تعرّض لدراسة العصر العثماني بأعلامه وكُتابه، وإنما سبقني إليه أساتذة كبار على رأسهم الدكتور عمر موسى باشا في كتابه الموسوم بـ «العصر العثماني» ضمن سلسلة تاريخ الأدب العربي، فهو الذي تناول أعلام هذا العصر من أمثال ابن النحاس الحلبي، ومنجك باشا اليوسفي، والخال الطالوي، والكيواني الدمشقي، وكثيرون غيرهم.وقد أفدت كثيراً من جهوده التي استمرت أكثر من عشرين عاماً، على الرغم من أعماله التدريسية والإدارية في جامعة دمشق.وزَّعت الكتاب على تسعة فصول، جاء أولها تمهيداً لهذه الدراسة، وتحدثت فيه بإيجاز عن الحياة السياسية، فالاجتماعية، فالثقافية ومدى تأثير ذلك في مسيرة الأدب العثماني. ثم انتقلت إلى الفصل الثاني فتناولت الأغراض الشعرية التقليدية من مديح، ورثاء، وغزل، وفخر، وحماسة، وفكاهة، وهجاء، ووصف. ثم أتيت في الفصل الثالث على الفنون الشعرية المستحدثة من مدائح نبوية، وشعر صوفي، وإخوانيات، وتحدثت في الفصل الرابع عن أدب الدعوة الإصلاحية، وهي دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب في جزيرة العرب بعامة ونجد بخاصة، وعن الشعر الذي أحاط بها. وتحدثت في الفصل الخامس عن الأشكال الشعرية المستحدثة، كالموشحات، والمخمسات، والتأريخ الشعري، وأنواع غيرها من تشطير، ورباعيات، ومواليا، ومعميّات، وتشجير. وتحدثت في الفصلين السادس والسابع عن أعلام الشعراء، بدءًا بشعراء القرن السابع عشر وهم: ابن النحاس الحلبي، ومنجك باشا اليوسفي، وابن النقيب الحسيني، وأبو معتوق شهاب الموسوي، مروراً بشعراء القرن الثامن عشر: الخال الطالوي، والكيواني الدمشقي، وانتهاءً بأبرز شعراء القرن التاسع عشر وهو أمين الجندي. أما الفصل الثامن فوقفت فيه عند فنون النثر في هذا العصر، من رسائل، ومقامات، ومسرحية، ومواعظ وابتهالات. وأما الفصل التاسع وهو الفصل الأخير فقد تناولت فيه أعلام النثر في العصر العثماني، وهم: المحبّي، وعبد القادر البغدادي، ويوسف البديعي، ولاحظت أن هؤلاء الكُتاب يختلفون عن كُتاب العصور السابقة، إذ هم من أهل الجمع والتصنيف، ولا نكاد نجد لهم عملاً إبداعياً واحداً.