إن من يتأمل الواقع القانوني في العالم الإسلامي والعربي، لا بد أن يلاحظ أن ازدواج منابع الثقافة القانونية أصبح ظاهرة عامة فيه لا تفلت منها دولة مهما كانت توجهاتها. حقاً أن هناك دولاً ما زالت وفيه للشريعة الإسلامية وللثقافة القانونية الإسلامية، وأخرى تركت الشريعة الإسلامية والفقه الإسلامي إلى صناعة القانون بالشكل وبالمضمون الذي أف...
قراءة الكل
إن من يتأمل الواقع القانوني في العالم الإسلامي والعربي، لا بد أن يلاحظ أن ازدواج منابع الثقافة القانونية أصبح ظاهرة عامة فيه لا تفلت منها دولة مهما كانت توجهاتها. حقاً أن هناك دولاً ما زالت وفيه للشريعة الإسلامية وللثقافة القانونية الإسلامية، وأخرى تركت الشريعة الإسلامية والفقه الإسلامي إلى صناعة القانون بالشكل وبالمضمون الذي أفرزته الحضارة الغربية. ولكن الحاجة الملحة تملي على الأولى استحداث بناء تشريعي على النمط الغربي، سواء استمد هذا البناء لبنائه من أحكام الفقه الإسلامي أو استمدها من نظم الحضارة الغربية ذاتها.باعتبارها حضارة عالمية غالبة تواجه متطلبات العصر، مع ما يؤدي إليه ذلك من فتح الطريق أمام الثقافة القانونية الغربية. وبالمثل فالجذور العقدية قد حدّت من انطلاق القانونية نحو القانون والثقافة القانونية بالمفهوم الغربي، فأبقت على الشريعة الإسلامية على الأقل في مجال الأحوال الشخصية. بل أن الشعور بالانفصال بين العقيدة وبين النظم القانونية المطبقة في هذه الدول الأخيرة قد ولد اتجاهاً عاماً ينادي بالعودة إلى تطبيق الشريعة الإسلامية واتخاذها مصدراً للقانون. وقد نما هذا الاتجاه نمواً عظيماً في النصف الثاني من القرن العشرين وأصبح يفرض نفسه على المشرعين في كثير من الدول الإسلامية، الأمر الذي أدى إلى حركة إحياء للثقافة القانونية الإسلامية فيها.إن ازدواج الثقافة القانونية في العالم الإسلامي والعربي، بقدر ما يؤدي إلى تباين المفاهيم المتداولة والشك في مصداقية الكثير منها، يفتح الطريق أمام تمحيص هذه المفاهيم، وصولاً إلى بناء نظرية عامة موحدة للقانون، تستمد أصولها من التراث الشرعي والفقهي الشامخ ونتسع في الوقت نفسه لمعطيات كل من الثقافتين معاً. ضمن هذا الإطار يأتي البحث في تجديد النظرية العامة للقانون والغاية الإسهام في توظيف أصول الفقه الإسلامي في بناء أصول القانون. ولأن المؤلف معد من المقام الأول لطلاب السنة الأولى في كلية الحقوق، فقد راعى المؤلف الإيجاز والتبسيط في عرض ما تم التوصل إليه في أبحاث خاصة، كما روعي تلخيص كل فقرة من فقرات المؤلف في نقاط