يقول المؤلف في كتابه بأن الفارق المنهجي الأساسي بين المنهجية المادية الديالكتيكية أو منهجية الماركسية والمنهجية الإسلامية يتلخص في أن الأولى تقوم على أساس نفي أحد النقيضين أو على أحادية النظرة والحل، بينما الثانية الإسلامية تقوم على أساس التوازن أو على أساس منهج إقامة الميزان فيما بين مختلف جوانب الظاهرة ومتناقضاتها.وهذا ما يمكن...
قراءة الكل
يقول المؤلف في كتابه بأن الفارق المنهجي الأساسي بين المنهجية المادية الديالكتيكية أو منهجية الماركسية والمنهجية الإسلامية يتلخص في أن الأولى تقوم على أساس نفي أحد النقيضين أو على أحادية النظرة والحل، بينما الثانية الإسلامية تقوم على أساس التوازن أو على أساس منهج إقامة الميزان فيما بين مختلف جوانب الظاهرة ومتناقضاتها.وهذا ما يمكن ملاحظته في تحليل إشكالات الدولة والبيروقراطية والفساد والطبقات وقضايا الإنسان وكيفية معالجتها، والمؤلف هنا هو أمام مثال تفكير ماركس وانجلز ولينين والذي لم يأخذ هذا المنحى المتوازن، وإنما جمع من جهة المثالية الخيالية الوهمية التي طرحها ماركس ولينين حول الاشتراكية والشيوعية، وحمل من جهة أخرى الخطأ النظري في فهم الدولة ونشوئها وتطورها وما يتولد عنها من مظاهر وسمات مما أدى في التطبيق العملي إلى نشوء دولة قال عنها بول سويزي: "ما من دولة في التاريخ تمتعت بصلاحيات مثلها أو نشوء بيروقراطية لم يعرف التاريخ لها مثيلاً" وفي هذا يرى الباحث ومن خلال مناقشته لكتاب "الدولة والثورة" في هذه الصفحات، بأن المنهجية الديالكتيكية نفسها هي الأساس الذي سمح بكل هذه الأخطاء في قراءة التاريخ والإنسان والمجتمعات وحتى قراءة الرأسمالية إذ ولدت سلسلة من نظريات وموضوعات وهمية أحادية الجانب، فالإشكال يكمن في المنهجية التي لا تعتمد التوازن في قراءة سنن الكون والطبيعة والمجتمعات والإنسان ولهذا يرى الباحث بأنه لا أمل فيمن يعتمدون منهجية ماركس وانجليز ولينين من مواصلة ارتكاب الأخطاء النظرية إلا إذا تحرروا من تلك المنهجية وأسقطوا وهميتها باعتبارها علمية ونموذجاً للتفكير السليم أو الرؤية الصحيحة للظواهر.ولا يتغير في الأمر شيء إذا بدلوا شعاراً لكان شعار أو برنامجاً بدل برنامج ما دام يقف على الأرض نفسها: المادية الديالكتيكية والمادية التاريخية وبقايا من "الاشتراكية العلمية" فالأمر لا يتغير إلا بنقد جذري للأرض التي ولدت كل الأخطاء التي ناقشها الباحث طي هذه الصفحات لكتاب "الدولة والثورة".وغرض الباحث من ذلك ليس مناقشة الماركسية فحسب وإنما ليلقي الضوء على إشكالية الدولة والتغيير المطروحة على بساط الباحث عند الإسلاميين ليكون لهم في ذلك إضاءات كي لا يكرروا أخطاء الشيوعيين عند وصولهم إلى السلطة من جهة ومن جهة ثانية في تعاملهم مع الدولة.