الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا، والصلاة والسلام على رافع لواء الهدى محمد - e- وعلى آله وصحبه والداعين بدعوته إلى يوم الدين. وبعد: فليس في تاريخ الإنسانية كتاب كان له من التأثير في التاريخ والفكر الإنساني مثل ما كان للقرآن ، بل يمكن القول إنه ليس في تاريخ الإنسانية خطاب ظل حاضرا بنفس القوة والتأثير عبر العصو...
قراءة الكل
الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا، والصلاة والسلام على رافع لواء الهدى محمد - e- وعلى آله وصحبه والداعين بدعوته إلى يوم الدين. وبعد: فليس في تاريخ الإنسانية كتاب كان له من التأثير في التاريخ والفكر الإنساني مثل ما كان للقرآن ، بل يمكن القول إنه ليس في تاريخ الإنسانية خطاب ظل حاضرا بنفس القوة والتأثير عبر العصور اللاحقة كنزول القرآن، فهو خطاب متجدد مستمر الفعالية، حاضر بثقله الكبير في كل منعطفات التاريخ الإسلامي، موجها وهاديا للمسلمين، ومجددا لانبعاثهم، ومعبئا لطاقاتهم، ومستقطبا للبحث والتفكير في ثقافة الإسلام بشكل لا يماثله فيه نص آخر.. لقد أحيط القرآن باهتمام فائق من المؤمنين به، فكان حفظه بالنسبة إليهم بمثابة حفر في الذاكرة والقلب، فكل حرف من حروفه، ولفظ من ألفاظه، هو موضع الحجة والحكم، ومناط الاستنباط والاستدلال،وظل القرآن محفوظا رغم ما عرفه تاريخ الإسلام من فتن وانقسامات وحروب مذهبية.وتبعا لهذا الجهد الذي قام به المسلمون كافة في كل عصر ومصر، فقد حاول علماؤهم، تحليل كل الجوانب التي تفسر هذا الحدث العظيم، ولا نجد قرنا من الزمان منذ نزول القرآن والى يومنا هذا، قد خلا من مصنفات قيمة دبجتها أقلام أعلام المسلمين، خدمة لكتاب الله تبارك وتعالى، تنوعت وتشكلت على حسب الظروف، والتخصصات، والمقدرة العلمية لكل عالم، فكشف لهم القرآن وهم يبحثون في علومه المختلفة ووجوه إعجازه، عن بحار ليس لها ساحل، ووجدوا أنفسهم قد خاضوا في لجج ليس لها قعر، وكل عاد بلؤلؤة كريمة، أو عقد نظيم، وبقيت ثمة خزائن تفوق الحصر، ومفتاحها تدبره والنظر فيه.......... ودلونا بدلونا، فاخترنا بعض المباحث التي رأيناها أنها ألصق بهذا العلم، واجتهدنا في تحرير مسائلها في عبارات مبسطة واضحة المعاني، بعيدة عن الحشو والتطويل. وأما السنة النبوية فهي المصدر الثاني للتشريع الإسلامي، حيث تناولنا فيه أهم القواعد والأسس التي اتبعت في قبول الحديث ورده، وفي تحمله وأدائه، وما يلحق بهذا العلم من علوم مختلفة تتعلق بأحوال الرواة والمرويات وما يترتب على ذلك من أحكام بين القبول والرد. وقد جاء هذا الكتاب لييسر على الطلبة فهم قواعد فن الحديث وأصوله ومصطلحاته، ولا سيما أن أكثر الكتب بين المطول والمفصل، أو المختصر والموجز البعيد عن معالجة المفاهيم الحديثة، التي أصبحت موضع سؤال وطلب. ولا نرى أن هذا الكتاب يغني عن كتب العلماء الأقدمين، وإنما قصدنا أن يكون مفتاحاً لها، فقد صنف الأئمة والعلماء الأقدمون مصادر أمّات للمتخصصين في هذه العلوم، فكانت معيناً فياضاً ينهلون منه.وهذه موضوعات يسيره في تاريخ علوم القرآن والحديث، نقدمها للطلاب الأعزاء بأسلوب سهل غير مطول، غني بالأمثلة والشواهد، إذ لجأنا إلى تبسيط العبارات النصية بأسلوب يتناسب مع مختلف التخصصات العلمية على شكل نقاط بارزة لتعين الطالب على الفهم وعلى تصور موضوعات المنهج وأساسياته.ولقد لقينا تشجيعاً على تقديم هذه المادة في كتابٍ ينتفع به الطالب والمدرس، فقد جاء الكتاب ترجمة حقيقية لجميع وحدات المساق. وليسد ثغرة في مكتبة الدراسات الإسلامية لطلبة الجامعة على الخصوص، ولطلبة العلم على العموم. وحاولنا قدر المستطاع التقيد بمفردات منهج المادة المقررة إلا أن مقتضيات التأليف والتصنيف اضطرتنا أحيانا إلى بعض الإضافات أو الزيادات، أو التوسع أحياناً في بعض الفقرات.ولا ندعي أن في كتابنا جديداً، فكل ما فيه عالة على أسلافنا العلماء ومأخوذ من علمها، فإن كان في هذا التأليف من فضل فراجع إلى أهله، وهم أساتذة هذا الفن الجليل من علمائنا المفسرين والمحدثين السابقين الذين أفنوا أعمارهم في سبيل البحث والتقصي، فجاء علمهم نافعاً ومفيداً.. ولا بد من ملاحظة أن الكتاب أعدّ للطالب الشاب الذي لا يقرأ كثيراً في هذا الموضوع، ولذلك آثرنا تبسيط القواعد وتيسير العرض والنأي عن التعقيد في العرض أو الموضوع ما أمكننا ليتسنى للطالب أن يواصل القراءة وللراغب في المعرفة أن يعرف فالتيسير مقصود بداية ومطلوب غاية. كذلك جاء الكتاب منسجماً مع توجهات وفلسفة جامعة آل البيت في بناء قاعدة فكرية سليمة بعيدة عن التعصب والغلو قريبة من الحوار العلمي الموضوعي المتزن، واحترام الرأي والرأي الآخر، وتقريب وجهات النظر.وقد جمعنا في كتابنا هذا بين أمّهات المصادر والمراجع وبين الكتب الحديثة. وفي الختام: لا يفوتنا أن ننبه إلى أن أعمال البشر يعتريها الخطأ والنسيان، فإن وفقنا فمن الله وإن أخطأنا فمن أنفسنا، ولا يستغني أحد عن التسديد والنصيحة والتوجيه، ولا يستقيم أمره إلا بتوفيق مولاه، فنسأل الله التوفيق والسداد، والعون والرشاد، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. المؤلفون