إن جوهرة الدرس البلاغي ليس أن نقول: إن القصر هو كذا وإن الفصل هو كذا، وإن الاستفهام يكون لكذا، وإنما هو بعد هذا أن نستخرج بهذه الأصول المعاني المتلبسة بهذه الأدوات وأن نرتاض على أن نحسن ونصيب في هذا الاستخراج وأن ننفذ إلى سر المعاني التى وقعت عليها هذه الأدوات في نفوس المتكلمين. ولا ريب أن وفرة المعاني ودقتها في هذه الأدوات مرتب...
قراءة الكل
إن جوهرة الدرس البلاغي ليس أن نقول: إن القصر هو كذا وإن الفصل هو كذا، وإن الاستفهام يكون لكذا، وإنما هو بعد هذا أن نستخرج بهذه الأصول المعاني المتلبسة بهذه الأدوات وأن نرتاض على أن نحسن ونصيب في هذا الاستخراج وأن ننفذ إلى سر المعاني التى وقعت عليها هذه الأدوات في نفوس المتكلمين. ولا ريب أن وفرة المعاني ودقتها في هذه الأدوات مرتبط بمقدار ثراء المعاني في نفوس القائلين، وكلما تغازرت هذه المعاني وتدافعت والتبست في نفوس المتكلمين زاد غموضها والتباسها وزادت دقتها في هذه الادوات حتى إنك لترى الأجاة تدل على معنى ظاهر ومن ورائه معاني أخرى تخفي وتدق وتسنح وتروغ وتحتاج إلى صبر ومراجعة وتفريغ بال والمتكلم المقتدر هو الذي يستطيع أن يشرب لغته كل ما يجري في خواطره فتحمل هذه اللغة إلينا ما خطر منم هذه الخواطر وما بطن أما ما ظهر منها فلسنا في حاجة إلى علم يعيننا عليه وإنما نحتاج إلى العلم ليبين لنا ما خفي ، وتسربل وتستر واقتنصته الكلمة من غور النفس فأودعته في غورها السحيق وهذه هى صعوبة البحث في هذا العالم وهذه الصعوبة هى جوهره. ورحم الله أبا حيان الذي قال إن البيان عن البيان صعب.