تنقسم العلوم إلى آلية تتعلم لأجل علم آخر كالمنطق بالنسبة إلى الفلسفة، وكأصول الفقه بالنسبة إلى علم الفقه، وغير آلية وهي ما لا تتعلم لأجل علم آخر وإن كان تعلمها لأجل فوائد تترتب عليها في الدنيا والعقبى ولا أقل من إرضاء غريزة حب الاطلاع وكشف الحقيقة. والفلسفة ليست علماً آلياً، فلا يكون علم آخر غاية لها. لكن لها فوائد تترتب عليها م...
قراءة الكل
تنقسم العلوم إلى آلية تتعلم لأجل علم آخر كالمنطق بالنسبة إلى الفلسفة، وكأصول الفقه بالنسبة إلى علم الفقه، وغير آلية وهي ما لا تتعلم لأجل علم آخر وإن كان تعلمها لأجل فوائد تترتب عليها في الدنيا والعقبى ولا أقل من إرضاء غريزة حب الاطلاع وكشف الحقيقة. والفلسفة ليست علماً آلياً، فلا يكون علم آخر غاية لها. لكن لها فوائد تترتب عليها من معرفة المبدأ الأول والأسباب القصوى، وتمييز الحقائق من الوهميات، ووراء الجميع إرضاء الغريزة المذكورة. كما يمكن عدّ معرفة مبادئ سائر العلوم، ومنها إثبات موضوعاتها، من تلك الفوائد.في هذا الإطار يأتي كتاب "نهاية الحكمة" للعلامة الفيلسوف محمد حسين الطباطبائي. وقد تمّ تقسيم المسائل المدونة فيه إلى قسمين. أحدهما: مسائل العلم الكلي أو الفلسفة الأولى الباحثة عن الأمور العامة أي المعقولات. الثانية الفلسفة (دون المنطقية) التي تختص بموجود معين بما هو خاصّ به، وموضوعه الموجود بما هو معروض تلك المعقولات، وغايته معرفة المبادئ التصديقية لسائر العلوم وخاصة العلم الإلهي، أي القسم الثاني من هذه المسائل المدوّنة، وكذا تمييز المعارف الحقيقية من الوهميات.وموضوع هذا العلم بديهي تصوراً وتصديقاً، أما الأول فواضح، وأما الثاني فلأنه مأخوذ من العلم الخضوري بوجود النفس وقواه وأفعاله وانفعالاته، ذاك العلم الذي لا يقبل الخطأ لكونه عين المعلوم. وأما المبادئ التصديقية لهذا العلم فتنحصر في البديهيات فلا تحتاج إلى أن تثبت في علم أعلى. وثانيهما: مسائل العلم الإلهي الباحثة عن وحدة الواجب تعالى وسائر صفاته وأفعاله. وموضوعه الواجب الوجود تبارك وتعالى، وغايته القصوى هي الفوز بقربه. وأما وجود موضوعه فيثبت في العلم الكليّ كسائر مبادئه النظرية.