يعتبر كتاب "الاتجاهات الحديثة في دراسة النظم السياسية: النظم الإفريقية نموذجاً"، للأستاذ الدكتور "حمدي حسن"، والذي صدر عن المركز العلمي للدراسات السياسية/الأردن، أحد أبرز الكتب النظرية التي تناولت الاتجاهات الحديثة في دراسة النظم السياسية، حيث ركّز الكتاب على رصد وتحليل الاتجاهات العامة الحديثة التي سيطرت على دراسة النظم السياسي...
قراءة الكل
يعتبر كتاب "الاتجاهات الحديثة في دراسة النظم السياسية: النظم الإفريقية نموذجاً"، للأستاذ الدكتور "حمدي حسن"، والذي صدر عن المركز العلمي للدراسات السياسية/الأردن، أحد أبرز الكتب النظرية التي تناولت الاتجاهات الحديثة في دراسة النظم السياسية، حيث ركّز الكتاب على رصد وتحليل الاتجاهات العامة الحديثة التي سيطرت على دراسة النظم السياسية الإفريقية منذ نهاية عقد الثمانينيات وبداية أعوام التسعينيات من القرن العشرين، من خلال دراسة التطور السياسي في إفريقيا -منذ إعلان الاستقلال السياسي – وإظهار ما خضعت له من تحولات معرفية ومنهجية متمايزة، والتي حددت في ثلاث مراحل أساسية، أولها: المرحلة المبكرة، التي تشمل معظم سنوات تصفية الاستعمار، وبداية تحقيق الاستقلال الوطني، وما رافقها من تأسيس نظم ديمقراطية ليبرالية في معظم الدول الإفريقية، و التي اتسمت بالتفاؤل المفرط والحماس من أجل الانطلاقة التنموية الإفريقية. أما المرحلة الثانية ـ التي تمتد من منتصف الستينيات وحتى أواخر الثمانينيات ـ فإنها اتسمت بالتخلي عن صيغة التعددية الليبرالية، والتحول نحو تبني نظام الحزب الواحد، وقيام العسكريين بالتدخل المباشر في الحياة السياسية، ووجود أنظمة انتخابية تنافسية. أما المرحلة الثالثة والأخيرة - التي بدأت منذ عام (1989) بحدوث تحولات ملموسة في النظم السياسية الإفريقية، ناتجة عن الضغوط الدولية التي صاحبت التحولات في النظام الدولي بعد انتهاء الحرب الباردة، فضلا عن الضغوط الداخلية الناجمة عن الاحتجاجات الشعبية ونخب المعارضة ـ فقد اتسمت بالتخلي عن نظام الحزب الواحد، وتراجع أنظمة الحكم العسكرية، و التحول نحو الديمقراطية، إلى جانب تراجع فكر التنموية السياسية ليحل محله فكر المشروطية السياسية والتكيف الهيكلي.وحاول الكتاب معالجة مجموعة من القضايا الهامّة، مثل: إشكالية النظم السياسية الإفريقية، والتعرف على النظرية العامة أو حتى الجزئية للنظم السياسية الإفريقية، وموقع مثل هذه النظرية - إن وجدت- ضمن النظرية العامة للنظم السياسية، ثانياً: النطاق الجغرافي الذي تمثله النظم السياسية الإفريقية، ثالثاً: إشكالية الدولة في إفريقيا. كما ركز الباحث على مفاهيم معينة اعتبرت محاور أساسية للنظم السياسية الإفريقية، ومن ذلك: نظام الحزب الواحد من حيث طبيعته وأنماطه ووظائفه، والقيادة السياسية ودورها الوظيفي في عملية بناء الدولة القومية، والدور السياسي للمؤسسة العسكرية، والفساد السياسي. وقد توصل المؤلف إلى عدد من النتائج الهامة من بينها: أن الاقترابات والمداخل الحديثة المستخدمة في دراسة النظم السياسية الإفريقية (التحول الديمقراطي، والتكيف الهيكلي، والعولمة، وإدارة الصراعات الإثنية) رغم أنها تعبر عن اتجاهات ما بعد الحداثة في تحليل السياسة المقارنة بشكل عام، فإنها لم تتجاوز تماماً تقاليد المرحلة السابقة عليها؛ إذ أعيد التأكيد على بعض الاقترابات والافتراضات مثل: الاقتصاد السياسي، وعلاقات الدولة بالمجتمع. كما يلاحظ هيمنة مدخل التحول الديمقراطي على اتجاهات الدراسة، وهو الأمر الذي دفع إلى ساحة التحليل المقارن بجملة من المفاهيم الجديدة، مثل: مفهوم الحكم، كما أعيد التأكيد على مفاهيم أخرى أو تطويرها، مثل: الانتخابات، والعسكرة، والمجتمع المدني، والبيئة.وأخيراً يخلص المؤلف إلى أن اهتمام الباحثين العرب بدراسة النظم السياسية الإفريقية لا يزال محدوداً؛ فدراسة النظم السياسية الإفريقية لا تزال تعاني من إشكاليات منهجية، وغياب النظرة الكلية في فهم الواقع الإفريقي