"قدمت نفسي إلى حارس العمارة، بهذا الإيجاز: "اسمي، جمال توفيق أبو حمدان، أكتب قصصاً قصيرة وطويلة، ومسرحيات وتدور حول الموت".وكان الرجل ينفحص هندامي، فظننت أنه منشغل به عما أقول، إلى أن هتف بي بحماس: "إذن، فهذا المكان يناسبك، وهو مفروش بفرش فاخر، ولا ينقصك (إذا تم النصيب)، إلا أن تحضر كفناً: إذ لا يمكننا تجهيز القبر يكفن، دون أن ن...
قراءة الكل
"قدمت نفسي إلى حارس العمارة، بهذا الإيجاز: "اسمي، جمال توفيق أبو حمدان، أكتب قصصاً قصيرة وطويلة، ومسرحيات وتدور حول الموت".وكان الرجل ينفحص هندامي، فظننت أنه منشغل به عما أقول، إلى أن هتف بي بحماس: "إذن، فهذا المكان يناسبك، وهو مفروش بفرش فاخر، ولا ينقصك (إذا تم النصيب)، إلا أن تحضر كفناً: إذ لا يمكننا تجهيز القبر يكفن، دون أن نعرف مقاس الميت الذي سيكون من نصيبه، ولأنك كاتب، فيمكنك إحضار أوراق وأفلام، فالمكان فسيح وحسن الإضاءة، وجيد التهوية، ومجهز بكل ما يلزم.ولحسن المصادفة أن غرفة المكتبة معتنى بها جيداً، فالمكتب من خشب الورد، والكرسي الدوار وثير ومريح، لكن لا توجد مقاعد للزوار، إذ نشك بأن يقوم أحد بزيارة ساكن ميت، أما غرفة النوم، فلا أقدر بلغتي البسيطة أن أصفها، وأنت ككاتب، أقدر مني على وصفها حين تراها، أما المطبخ...".قاطعته قائلاً: "لا حاجة للوصف، ما دمت سأرى المكان"، هزَّ رأسه بنعم، وأكمل، "الأماكن الأخرى، كلها شقق مفروشة، لسكن الأحياء، وهي مؤجرة بكاملها، أما القبر، فبقي فارغاً، ولم يؤجر منذ بناء العمارة"...