الكتاب من تحقيق سيد حسين نصر.إن السؤال والجواب في قضايا العلم والفلسفة والفكر هو ميزة من مزايا الحضارة الإنسانية، لإنه بهما تثار المشكلات العلمية وتنجلي المعارف وتتوقد الأذهان وتنجلي المواهب.. فكيف إذا كان الحوار بين فيلسوفين كبيرين من فلاسفة الإنسانية البيروني وابن سينا. وقد كان لأهمية هذان العالمان أن تناول الأستاذ "سيد حسين ن...
قراءة الكل
الكتاب من تحقيق سيد حسين نصر.إن السؤال والجواب في قضايا العلم والفلسفة والفكر هو ميزة من مزايا الحضارة الإنسانية، لإنه بهما تثار المشكلات العلمية وتنجلي المعارف وتتوقد الأذهان وتنجلي المواهب.. فكيف إذا كان الحوار بين فيلسوفين كبيرين من فلاسفة الإنسانية البيروني وابن سينا. وقد كان لأهمية هذان العالمان أن تناول الأستاذ "سيد حسين نصر" بالدراسة والتحقيق ما جاء به وما حفلت به آثارهما العظيمة.في بداية الكتاب تسلط الأوضواء على أسلاف ابن سينا وخصوصاً على الفلسفة المشائية، والتي هي واحدة من العديد من المدارس التي قامت في العالم الإسلامي والتي برزت على يد أبي يعقوب الكندي الملقب بفيلسوف العرب –يأتي بعده الفارابي أو "المعلم الثاني" حسب ما سماه العلماء المسلمين المتآخرين، ثم يضيء الكتاب على "محمد زكريا الرازي" الذي اشتهر في اللاتينية باسم "Rhpzes" والذي يعتبر من رعيل كبار العارفين" القدامى... يتبع ذلك سيرة ابن سينا الملقب بـ "أمير الأطباء" سنة 370 (980) في حيث اعتبر تأثيره في العلوم والفنون الإسلامية شاملاً لم تتح لشخصية أخرى قبله أو من بعده!أما كتب ابن سينا فهي لا تعد ولا تحصى نذكر منها كتب ابن سينا الفلسفية، "الإشارات"، "والتنبيهات"، "الشفاء"، الذي اعتبرت أطول موسوعة علمية كتبها إنسان بمفرده، وكتاب "النجاة" و"عيون الحكمة".أما فلسفته في الوجود "فالله أو الوجود المحصن الذي هو أصل الأشياء جميعاً وخالقها..." "وأن الوجود هو الذي يعطي كل ذات أو ماهية حقيقتها الواقعة، وعليه فهو أصيل". ثم يتطرق الكتاب إلى دراسة ابن سينا للفرق الوجودي الأساسي بين الكون والله وإلى دراسة الكون وعلم التكوين...يليها دراسة العلوم الطبيعية والرياضية، فقد كان فيلسوفنا أستاذاً في ميدان الطب في الغرب والشرق معاً، وهنا إضاءة هامة على إنجازاته في هذا المجال. يتبع ذلك "علم النفس" عند ابن سينا ومذهبه المشائي...ثم إضاءة على الفلسفة الباطنية والتي هي وجه آخر من أوجه عبقريته... أما تلامذته المباشرين فهم أبو عبد الله الجرحاني وأبو الحسن بهمينا "وابن زيلة" في شرحه "حي بن يقظان" وآخرون غيرهم يسلط الكتاب الأضواء حولهم.أما القسم الثاني من هذا الكتاب فيشتمل على المحاورات التي دارت بين ابن سينا والبيروني والتي جاءت على شكل أسئلة وأجوبة جاءت في ثمان مسائل في العلم والفلك والفلسفة والطب وغيرها. نذكر منها المسألة الأولى: "سألت –أسعدك الله- لم أوجب ارسطو طاليس للفلك عدم الخفة والثقل لعدم وجود حركة له من المركز او اليه؟ وفي موضع آخر من الجواب يجيبه ابن سينا "قد كفيتني المؤونة في إثبات أن الفلك لا خفيف ولا ثقيل بمقدماتك التي سلَمت فيها انه ليس فوق الفلك موضع يتحرك إليه، ولا يمكنه أيضاً أن يتحرك إلى تحت لاتصال اجزائه(...)".هذا الكتاب هو كنز هام لأعلامنا الأوائل الذين اغتنت البشرية ولا تزال إلى يومنا هذا بعلومهم وفلسفاتهم فاستحقوا أن يقرأوا بجدارة وبعزم...