نبذة النيل والفرات:حوى الجزء الثاني من العصر العباسي تعريفاً بالحياة السياسية التي سادت العصر بدءاً بعصر الخليفة المتوكل، الذي حاول جاهداً تغيير النهج الذي سار عليه أسلافه؛ المأمون والمعتصم والواثق، من تشجيع للمعتزلة في قضية خلق القرآن، والتي أحدثت بلبلة أقضّت مضاجع العلماء، فأخذ بيد علماء السنّة، ونكب محمد بن عبد الملك الزيات، ...
قراءة الكل
نبذة النيل والفرات:حوى الجزء الثاني من العصر العباسي تعريفاً بالحياة السياسية التي سادت العصر بدءاً بعصر الخليفة المتوكل، الذي حاول جاهداً تغيير النهج الذي سار عليه أسلافه؛ المأمون والمعتصم والواثق، من تشجيع للمعتزلة في قضية خلق القرآن، والتي أحدثت بلبلة أقضّت مضاجع العلماء، فأخذ بيد علماء السنّة، ونكب محمد بن عبد الملك الزيات، كما أبعد القاضي ابن أبي داود، واستوزر عبيد الله بن يحيى بن خاقان، وجالس الفتح بن خاقان، وشعر بثقل الأتراك، وحاول الرجوع إلى العرب للإحتماء بهم، وعزم على الإقامة في دمشق، مما كان سبباً في قتله مع وزيره الفتح بن خاقان، فكان أول خليفة من بني العباس يُقتل بأيدي الخدم.وبدأت الدولة العباسية عامة، والخلافة خاصة بجني ثمار ما اقترفه الخلفاء من تقريب للأتراك، إذ تسلّط قوّادهم على الخلفاء، وأمسكوا بالزمام، فولّوا من شاءوا، وعزلوا أو قتلوا من لم يخضع لسلطانهم، حتى تعاقب على الخلافة في خمسة عشر عاماً ستّة خلفاء هم؛ المنتصر والمستعين والمعتزّ والمهدي وابن المعتزّ والمعتمد، وصارت الخلافة لعبة في أيدي الأتراك.وفي عهد المعتمد (256- 279هـ) بدأ الخلفاء يستعيدون السلطة، إذ تولى الموفق "أخو المعتمد" قيادة الجيوش، وحارب الخارجين أمثال صاحب الزنج، إلا أن الأمر لم يستمرّ طويلاً، بل عادت السلطة إلى الأتراك، وبدأ إنحسار الدولة، فأخذت الأطماع تهددها من الشرق والغرب، فالطاهريون والسامانيون، والصغاريون يتنافسون للإستقلال بالشرق، والروم يغيرون على الثغور، والطولونيون يسعون إلى الإستقلال عن الدولة بتكوين دولتهم في مصر، وبقي الأمر على حالته من الفرقة والتشرذم حتى احتلّ البويهيون بغداد سنة 334هـ منهين بذلك عصر نفوذ الأتراك.وكانت طبقات العصر العباسي الثاني تتمثل في طبقة عُليا تشارك الوزراء الأتراك في الإستئثار بأموال الدولة، أو ما تبقّى منها، بعد أن ترك الخلفاء إدارة شؤون الدولة إلى الأتراك، والتفتوا إلى حياتهم ومباذلهم، من بناء للقصور، وتنافس في جمع الجواري والقيان، حتى أنهم فتحوا أبواب قصورهم للمجون، مما شجّع على إنتشار المفاسد مثل شرب الخمر، والغزل بالغلمان، والغناء، حتى أن الخلفاء خاضوا في مثل هذه الأمور.