إن العامل النقدي ليس مستقلاً بذاته, فالغاية من إحداث النظم النقدية والمصرفية هي تسهيل عمليات الإنتاج وتبادل النقد والسلع والخدمات المتوفرة, وهي في ذلك إنما تعكس الاقتصاد التي وجدت لخدمته ولابد من أن تتكيف مع بنيانه, ولدى دراسة أي وضع نقدي لابد من أن تؤخذ بعين الاعتبار التغيرات التي تطرأ على الوسط الاقتصادي الذي يؤثر في الوضعين ا...
قراءة الكل
إن العامل النقدي ليس مستقلاً بذاته, فالغاية من إحداث النظم النقدية والمصرفية هي تسهيل عمليات الإنتاج وتبادل النقد والسلع والخدمات المتوفرة, وهي في ذلك إنما تعكس الاقتصاد التي وجدت لخدمته ولابد من أن تتكيف مع بنيانه, ولدى دراسة أي وضع نقدي لابد من أن تؤخذ بعين الاعتبار التغيرات التي تطرأ على الوسط الاقتصادي الذي يؤثر في الوضعين الاجتماعي والسياسي, والتجارب النقدية التي جرى الأخذ بها في الماضي وفي ظروف مختلفة بحيث تسمح بالاستخلاص فيما إذا كانت هذه التجارب والإجراءات النقدية يمكن أن تتكيف مع الظروف المستجدة كحالات التضخم والركود, وتنبع أهمية هذا الكتاب من كونه يطرق موضوعاً اقتصادياً كلياً وشاملاً وهو موضوع النقود في الاقتصاد السوري وليس بخاف على أحد الأهمية القصوى للنقود في تعزيز الثقة بالاقتصاد الوطني وترسيخ دعائم النمو, وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية, لأنها ترتبط بكافة المجالات الاقتصادية والاجتماعية وعلى جميع الأصعدة: الاستهلاك, الإنتاج, الأجور, الأسعار, الادخار, الاستثمار, وللنقود آثارها الخطيرة على التوازن الاقتصادي واستقرار الأسعار, فالاضطرابات النقدية تؤدي لا محالة الى عرقلة النمو الاقتصادي بسبب انعكاسها على مجمل مؤشرات الاقتصاد الوطني فالسياسة النقدية التي لا تأخذ بعين الاعتبار واقع البلد وإمكانياته الاقتصادية تؤدي الى التضخم النقدي والى خلل في ميزان المدفوعات وزعزعة الثقة بالنقد الوطني وتتباطأ عجلة النمو الاقتصادي أو تتوقف وتسير البلاد في طريق الركود والأزمات, ويقع الاضطراب في الزراعة والصناعة والتجارة التي لا تزدهر إلا في ظل الاستقرار النقدي, مع كل ما ينجم عن ذلك من الاضطراب السياسي والاجتماعي فالكتاب هو محاولة علمية متواضعة لفهم آلية عمل السياسة النقدية في الاقتصاد السوري وفهم طبيعة الوسائل والإجراءات النقدية في سورية, وطبيعة النتائج التي أدت إليها هذه الإجراءات والممارسات النقدية طوال مدة الدراسة إضافة الى الاستنتاجات المستخلصة من هذا التحليل.