لعل جملة قالها (رجل صالح آتاه لله من كل شيء) كانت مدعاه للمضي بكتابة هذا الكتاب، فكانت حافزاً شديداً للبحث عن ظروف اطلاقها وابعاد مراميها، ألا وهي قول ذو القرنين في سورة الكهف بعد فراغة من بناء (الردم) قال تعالى الآية (98): ﴿ قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي ﴾ [الكهف: 98]. ﴿ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ... ﴾. ﴿ ...
قراءة الكل
لعل جملة قالها (رجل صالح آتاه لله من كل شيء) كانت مدعاه للمضي بكتابة هذا الكتاب، فكانت حافزاً شديداً للبحث عن ظروف اطلاقها وابعاد مراميها، ألا وهي قول ذو القرنين في سورة الكهف بعد فراغة من بناء (الردم) قال تعالى الآية (98): ﴿ قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي ﴾ [الكهف: 98]. ﴿ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ... ﴾. ﴿ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا ﴾. فكيف تمر السنين تلو السنين وهذه الكلمات من الآية بين الدعوة والوعيد يقرؤها كل الناس وكل المؤمنين ومع مدار الأيام بدعوة أن هذه الردم هو رحمة بالناس جميعاً وأن هذه الرحمة مرهون بقاؤها بالإيمان أو الفساد ولم يتوقف عندها أي من أولئك ليعطيها حقها من النذير والبشير. وذلك كما جاء في الحديث الشريف الذي سوف نأتي عليه في موضعه من أمر هذا الردم، وقد زادنا شوقاً واقداماً لما أثار من تساؤلات حول الرابط الذي يربط ربطاً مباشراً بين (الدعوتين)! دعوة ذي القرنين تلك، ودعوة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، فكان هذا الرابط هو السبب الذي ترتعد له القلوب وتلتف من أجله الساق بالساق ومن أجل هذا كان المبرر لاتخاذي (العنوان) مدخلاً لموضوع كان ثرياً غنياً وبذات الوقت وعراً لا تتسم مسالكه إلاّ بالحذر نظراً لما آلت إليه محاولات السابقين غير العميقة ولا المتأنية فيما يخص (الرحمة) من كل مسببات تحقيقها أو عدمها إن كان بهذه الحالة أو تلك أو بهذا الموضوع أو ذاك.