تعد شخصية جان دارك من الشخصيات التاريخية ذات الجاذبية الخاصة، التي تشكل مادة سخية أغرت كثيرا من الشعراء والأدباء وكتاب المسرح، وحتى الرسامين، بتناولها في معالجات فنية، ولكننا في هذا العدد نختص بمعالجة "شيللر" لهذه الشخصية. قمن خلال مطالعات" شيللر" لتاريخ العصور الوسطى لفتت انتباهه تلك الفتاة الصغيرة، راعية الغتم الريفية، التي قا...
قراءة الكل
تعد شخصية جان دارك من الشخصيات التاريخية ذات الجاذبية الخاصة، التي تشكل مادة سخية أغرت كثيرا من الشعراء والأدباء وكتاب المسرح، وحتى الرسامين، بتناولها في معالجات فنية، ولكننا في هذا العدد نختص بمعالجة "شيللر" لهذه الشخصية. قمن خلال مطالعات" شيللر" لتاريخ العصور الوسطى لفتت انتباهه تلك الفتاة الصغيرة، راعية الغتم الريفية، التي قادت الشعب الفرنسي إلى النصر والثورة ضد الأحتلال الأجنبي، والتي تمسكت بالعدالة وتشبثت بالكرامة، واختارت الموت حرقا، بعد أن حكم عليها بالكفر والالحاد، نتيجة لجهل الجاهلين، وخيانة الخونة، ذلك لأنها شكلت خطورة على النظام الحاكم واصحاب السلطة المدنية والعسكرية والدينية- ببساطة شديدة- وعرتهم من أردية الزيف والشعارات الرنانة الجوفاء، وعندما اكتسبت شعبية كبيرة بين ابناء الوطن، بدأت الأحقاد والغيرة تتحرك ضدها. ومسرحية " عذراء أورليان" نجدها مؤسسة على مادة تاريخية، لكنها في النهاية تجربة جمالية فحسب، وقد طبق "شيللر" نظريته في هذه المسرحية، وهي أن بطل التراجيديا يجمع في ذاته البراعة العقلية والصرامة من ناحية، والتعرض للمعوقات الحسية من ناحية أخرى، ويجب أن يسعى لهدف يوشك ان يكون الكمال المطلق أو الفساد المطبق، ثم يموت ميتتة تراجيدية تجمع بين العظمة الإنسانية والعدالة الإلهية.