الكتاب طبعة أولى.حتى الآن كثير من علمائنا ورجال الفكر والأدب في تراثنا العربي والإسلامي مغمورين أو منسيين لم يلتفت إليهم الباحثون، ولم يعن بهم الدارسون، فلم تقم حولهم دراسات موضوعية شاملة توضح معالم شخصياتهم الفكرية، وتحدد ما كان لهم من دور إيجابي مؤثر في الفترة التي عاشوها، وتعرض نتاجهم الفكري عرضاً علمياً صحيحاً، يقوم على الدق...
قراءة الكل
الكتاب طبعة أولى.حتى الآن كثير من علمائنا ورجال الفكر والأدب في تراثنا العربي والإسلامي مغمورين أو منسيين لم يلتفت إليهم الباحثون، ولم يعن بهم الدارسون، فلم تقم حولهم دراسات موضوعية شاملة توضح معالم شخصياتهم الفكرية، وتحدد ما كان لهم من دور إيجابي مؤثر في الفترة التي عاشوها، وتعرض نتاجهم الفكري عرضاً علمياً صحيحاً، يقوم على الدقة والتمحيص.ومن بين أولئك الأعلام المنسيين أو المهملين شيخ المحدثين في القرن السادس الهجري الحافظ أبو الطاهر أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم السلفي الأصبهاني، الذي شهد له علماء عصره ومن جاء بعدهم بعلو مكانته، ورسوخ قدمه في ميدان علم الحديث ومصطلحه، ذلكم الحافظ الثقة الذي امتد به عمره حتى أصبح أعلى أهل الأرض إسناداً في روايته، مما جعله قبله أنظار طلاب الحديث، ومحط رحالهم، يتوافدون عليه من أماكن قاصية، ويرحلون إليه من أقطار وبلدان عديدة.ولكنه على الرغم مما كان يتمتع به من شهرة واسعة في حياته وبعد مماته، وعلى الرغم من تلك الأعداد الغفيرة التي تتلمذت عليه أو سمعت منه فقد أهمل إهمالاً شديداً من قبل الباحثين والدارسين على السواء. فهو لم يحظ بترجمة وافية تؤرخ لحياته، وتوضح دوره ومعالم شخصيته، بل لم تكتب عنه دراسة موضوعية -كما كتب عمن هم دونه- يقوم بها نتاجه الفكري والأدبي في تلك الفترة التي عاشها في مدينة الإسكندرية.انطلاقاً من هنا فقد فكر "حسن عبد الحميد صالح" في سد هذه الثغرة، فشرع في تقديم دراسة التي بين أيدينا التي جاءت شاملة لحياة هذا العالم الجليل أبرز فيها معالم شخصيته كمحدث، وأوضح ما كان له من دور فعال في إبقاء جذوة العقيدة السنية حية في العهد الفاطمي، وما كان لمدرسته "العادلية" من خدمات جلى لطلاب الحديث والفقه، جعلت من الإسكندرية مركزاً مرموقاً في العالم الإسلامي يعيد للأذهان ما كانت عليه من مكانة علمية في عصور ما قبل الإسلام.