يقدم الكتاب أوراق ندوة علمية عقدها مركز دراسات الشرق الأوسط في تشرين أول/ نوفمبر 2011، ويتناول الفرص والتحديات التي يواجهها الإسلاميون، ويناقش بعمق مكونات فلسفة الإسلاميين وبرنامجهم في إدارة الحكم والمجتمع.ويعد الكتاب في بابه إضافة جادة ومتميزة، إذ يبرز دور الإسلاميين في إنجاز الثورات العربية، مركزاً على ما أفرزته التجارب الانتخ...
قراءة الكل
يقدم الكتاب أوراق ندوة علمية عقدها مركز دراسات الشرق الأوسط في تشرين أول/ نوفمبر 2011، ويتناول الفرص والتحديات التي يواجهها الإسلاميون، ويناقش بعمق مكونات فلسفة الإسلاميين وبرنامجهم في إدارة الحكم والمجتمع.ويعد الكتاب في بابه إضافة جادة ومتميزة، إذ يبرز دور الإسلاميين في إنجاز الثورات العربية، مركزاً على ما أفرزته التجارب الانتخابية التي أجريت في هذه البلدان من فوز كبير للإسلاميين أوصلتهم لمقاعد الأغلبية في المجالس النيابية وسدة الحكم، ومن ثم مواجهة مجموعة هائلة من التحديات الإستراتيجية والسياسية والاقتصادية والمجتمعية.وقد جمع الكتاب بين دفتيه تأصيلا علميا وخلاصات فكرية مهمة لعدد من الأكاديميين والمفكرين والناشطين المهتمين في العمل الإسلامي المعاصر، وقد تناولت هذه الدراسات والكلمات هذا الموضوع "الإسلاميون وتحديات الحكم" في الوقت الذي تشير فيه القراءات الواقعية للثورات العربية إلى أنها ستفرز نظماً سياسية يكون للإسلاميين فيها نصيب مقدّر. وتتمثل القضية المحورية لهذا الكتاب في رصد التحديات التي تواجه الإسلاميين والنابعة من وصولهم للحكم وتصدرهم للمشهد السياسي الحالي، وكذا في المستقبل من المنظور، وبالتالي محاولة استشراق "الاستجابات المتوقعة " منهم على هذه التحديات، ومن ثم إمكانية التنبؤ العملي بمدى نجاحهم أو فشلهم. وقد جاءت هيكلة الكتاب وتقسيمه وفقا لمنهجية علمية وعبر منطق متماسك ومتناسق يقوم على التكامل بين مستويات ثلاثة علمية، هي: المستوى التأسيسي، سواء أكان فكرياً أو شرعيا أو حركيا لقضية الحكم أو ممارسة العملية السياسية بكل ما تعنيه من مجابهة كثير من التحديات الأساسية وكيفية التعامل والاستجابة لها، والثاني: المستوى الذي يعالج التحديات الاستراتيجية والسياسية والأمنية والعسكرية الداخلية في إطار هذه الأنظمة التي شهدت ثورات الربيع العربي، والثالث: المستوى الذي يعالج التحديات الاستراتيجية والسياسية والأمنية والعسكرية الإقليمية والدولية في تفاعلها مع المستوى الداخلي في البلدان التي شهدت ثورات الربيع العربي. ومن هنا، جاء تقسيم الكتاب على ثلاثة فصول أساسية، يحوى كل فصل منها ثلاثة مباحث، ثم خاتمة تحوي أهم خلاصات الكتاب ونتائجه وتوصياته. يتناول الفصل الأول "تحديات الحكم بعد الثورات، الإدراك القيادي للإسلاميين والقضايا التأسيسية".ويقدم هذا الفصل في مبحثه الأول إدراك القيادات الإسلامية للتحديات التي تواجهها في الحكم بعد الثورات العربية، وتنبع أهمية تناول الإدراك القيادي من أنه أحد المداخل المباشرة والمهمة في معرفة كيفية صناعة القرار واتخاذه، وذلك بصدد الاستجابة للتحديات التي ستواجه الإسلاميين حيال ممارستهم السياسية للحكم. أما المبحث الثاني: "محنة الحكم، التحديات العملية لحكم الإسلاميين" فيرصد التحديات العملية التي تواجه حكم الإسلاميين، والاستجابات المتوقعة منهم، وهو يميز بين أربعة أنواع من هذه التحديات: الأولى تتعلق بـ"مشروع التغيير" الذي سيطبقه الإسلاميون للنهوض بمجتمعاتهم في إطار مرجعيتهم، والثانية تدور حول الإسلاميين أنفسهم وتنظيماتهم ومدى استعدادهم للمرحلة، وكيفية إعادة بناء علاقاتهم فيما بينهم وبين مجتمعاتهم ومحيطهم الإقليمي والدولي، والثالثة تدور حول إعادة بناء الدولة وتأسيسها داخليا، والرابعة تتركز حول التحديات النابعة من البيئة الدولية والإقليمية وكيفية التعامل معها وتأثيرها على البيئة والبنية الداخلية. أما المبحث الثالث: "قضية الحكم، المواجهات الإسلامية الواقعية للعمل السياسي" فيقدم مقارنة سياسية شرعية وفكرية يؤسس فيها لدلالات "المرجعية الإسلامية" بالنسبة لقضية الحكم وممارسة السياسة، إذ يميز بين الدين باعتباره وضعا إلهيا ثابتاً، وبين "التدين" كظاهرة إنسانية ومجتمعية، وينطلق من شهادة التوحيد لبيان دلالتها السياسية محدداً مقصد الإسلام من "الحياة الطيبة"، وقدرته على تقديم مشروع يطور حياة الناس اجتماعيا واقتصاديا وسياسياً، وبذلك يتحقق فيه وبه الوصف بـ"الإسلامية"، وينتقل في هذا الصدد لكي يدلل من ذلك على تجربة حركة النهضة في تونس من التاريخ والواقع الحالي. ويتناول الفصل الثاني من الكتاب "الإسلاميون والحكم، السياسات الداخلية"، ويركز هذا الفصل على التحديات المتعلقة بقضية الحكم داخل بلدان الربيع العرب، خاصة في أبعادها الداخلية وجوانب السياسة أساسا، وفي هذا السياق تأتي المباحث الثلاثة للدراسة، حيث يتناول الأول: "الإسلاميون وبناء الدولة الحديثة"، وتفصل الورقتان المقدمتان فيه أهم مشكلة تواجه الإسلاميين عقب الوصول إلى السلطة، وهي إعادة بناء "الدولة الحديثة" ورسم خريطة علاقاتها وتفاعلاتها مع المجتمع المحكوم، وهي أوسع من بناء النظام السياسي ذاته مع أهميته المحورية في هذا الصدد؛ فقد ناقشت الأولى الدولة الحديثة في فكر الحركات الإسلامية من حيث مفهوم هذه الدولة مقارنة بمفاهيم الدولة المدنية/ العلمانية، والدينية، والقانونية، ثم انتقلت الورقة لمناقشة طبيعة هذه الدولة والمبادئ السياسية التي تقوم عليها مقارنة بما تقدمه الرؤية الإسلامية لتلك الحركات في صلته بالواقع السياسي، وفي هذا الإطار تتناول "وحدة الدولة الإسلامية وتعددها" وتكاملها. أما الورقة الثانية في هذا المبحث فتعالج موضع الدولة الحديثة في فكر الحركة الإسلامية مركِّزة على اعتبار الدولة أداة لتنفيذ المشروع الإسلامي الذي يعتبر خدمة المجتع جميعا أساسا لنهضته، وأن ثمة تخوفا جراء ذلك من الحركات الإسلامية، وتنطلق الورقة بعد ذلك من بيان أن الخبرة الإسلامية لم تعرف "الدولة الدينية"، لتفرق في هذا الصدد بين الدولة المدنية العلمانية والدولة المدنية الإسلامية محددة ستة أسس تشكل معايير للتفرقة العلمية والمنهجية بينهما. وفي المبحث الثاني المعنون "الإسلاميون وبناء السلطة السياسية الحاكمة" يتناول أحد المبادئ المحورية والإشكالية في تأسيس السلطة السياسية وهو مبدأ "التداول"، والذي يقتضي فكرة التحديد والتوقيت الزمني، ودوران "المناصب السياسية"، وبالتالي دوران النخب السياسية وتجديدها في إطار المنافسة السياسية، وكل ذلك يتم عبر آلية الانتخابات. وفي هذا الصدد يثير المبحث حول "الإسلاميون وتداول السلطة" مجموعة من الأسئلة المشروعة التي تدور حول تقديم "نموذج عملي في الحكم" يجسد رؤية الحركة ويخضع للمراجعة والمحاكمة، ولا تكون بالضرورة نسخا محسنة من النماذج الحاكمة، ولكنه نموذجهم الخاص الذي يجسد تجربتهم الذاتية في هذه المرحلة التاريخية الفارقة. أما الورقة الثانية في هذا المبحث فتتحدث عن القضية نفسها مركزة على "الاستجابات الغامضة التي يقدمها الإسلاميون، وتقدم كثيرا من النماذج الواقعية في هذا الصدد، حيث تقدم ثلاثة عشر نموذجا، ما يزال الكثير منها يشغل الوقت بالنقاش والجدال السياسي المحتدم حتى الوقت الحالي. أما المبحث الثالث "الإسلاميون وممارسة العملية السياسية"، فيتناول دراستين بالغتي الأهمية في هذا الصدد؛ إذ تتناول الأولى مشاركة الإسلاميين في الحكم وممارسة السياسة، مركِّزة على دلالات المشاركة السياسية والشكوك المتبادلة بصددها، وتقدم نموذجاً من اليمن حول أحزاب اللقاء المشترك في مشاركتها السياسية وممارساتها والسيناريوهات المستقبلية في هذا الصدد. في حين ترى الثانية في مشاركة الإسلاميين في الحكم مطلقا ضرورة إعطائهم فرصة للتجربة قبل الحكم عليهم، وترصد الورقة التحديات في ثلاثة مستويات بالنسبة لمستقبل التجربة: الأولى على مستوى المواطن الفرد العربي، والثانية على مستوى هيكل الدولة المستقبلي، والثالث على مستوى هيكل النظام الدولي، وتثير في هذا الصدد سبعة عوامل ومتغيرات بالغة الأهمية مستقبليا في تحديد مصير هذه التجربة، وربما تكون الورقة قد رصدت معظم العوامل المؤثرة بالفعل في هذا الصدد. وفي الفصل الثالث والأخير من الكتاب والمعنون "الإسلاميون والسياسات الإقليمية والدولية: التحديات والاستجابات" فقد جاء بدوره في ثلاثة مباحث مهمة. يدور الأول حول جدلية التفاعل بين التحديات الخارجية والاستجابات الداخلية، ومن أبرز ما تناوله المبحث الشروط الخارجية لتفجر الثورات الشبابية الشعبية، محللا موازين القوى العالمية والإقليمية والعربية، وما شهدته من تغيرات كانت مواتية لحدوث هذه الثورات، ويفسر مسألة تركيز الثورات على مواجهة الاستبداد والفساد وتجنب الهجوم على مسألة السياسات المتعلقة بالتبعية للولايات المتحدة، أو الخضوع لأجندة العولمة، أو القضية الفلسطينية، ثم يتناول مستقبل العلاقة الأمريكية والغربية مع الأنظمة التي جاءت في أعقاب الثورات العربية، وأخيرا يذكِّر بالمستقبل والتحديات الخارجية مركزا على التحدي الاقتصادي، والتحدي القطري، أي التفكير انطلاقا من الدولة القُطْرية، وإهمال منطق التكامل والوحدة والعمل المشترك على المستوى العربي والإسلامي في مواجهة هذه التحديات وتحديد كيفية الاستجابة لها. أما المبحث الثاني فيتناول تفاعلات الداخلي والإقليمي بصدد التحديات والاستجابات التي تواجه حكم الإسلاميين، وحلل جدلية هذه التفاعلات بين هذه التحديات الداخلية والخارجية، فيرى أن التحديات الداخلية تدور حول قوى مناهضة التغيير الملتحمة مع أجهزة الدولة وهياكلها سواء أكانت سياسية أو اقتصادية، ثم كيفية تحويل أهداف الثورة إلى برنامج سياسي اقتصادي اجتماعي ثقافي ... إلخ، ثم كيفية العمل المشترك بين القوى السياسية حتى في ظل وجود حزب حاكم فاز في الانتخابات. أما التحديات الخارجية والإقليمية فهي تدور حسبما يرى المبحث حول محاولة الالتفات الخارجي على الثورات للعودة إلى المربع الأول، ثم عن العلاقة مع الغرب والثقة فيه، وأخيرا يتحدث عن العمود الفقري للأمة الذي ينبغي الحفاظ عليه وهو "العروبة" و"الإسلام". وفي المبحث الثالث والأخير، يدور الحديث عن "الإسلاميون والعلاقات الإقليمية والدولية"، وذلك باعتبارها من أهم التحديات التي يجب على الإسلاميين التعامل معها والتصدي لها. وفي هذا الصدد تقدم الورقة الأولى من المبحث رؤية متكاملة في الإطار النظري لتأسيس العلاقات الإقليمية والدولية، ثم تنتقل ليقدم ثلاثة نماذج لخبرات حركات إسلامية وصلت إلى الحكم قبل ثورات الربيع العربي في كيفية التعامل مع التحدي الذي يفرضه الإطار الإقليمي والدولي، ووصلت إلى مستويات مختلفة، وهذه التجارب هي التجربة الإيرانية، والتركية، والسودانية، وتقدم الورقة في هذا الصدد تحليلا عميقا لماهية هذه التحديات وطبيعتها ويقارن بينها، ويبين بدقة كيفية الاستجابة لها والتعامل معها. ثم تعود الورقة وتقدم عدة مساهمات واقعية يمكن تطويرها والاستفادة من الرؤية الدقيقة والمتوازنة التي يقدمها في هذا الصدد. أما الورقة الثانية من هذا المبحث فتقدم بدورها دراسة حول "الإسلاميون: تحديات العلاقات الإقليمية والدولية في مرحلة الحكم" والتي تمثل مقارنة علمية منضبطة تطرح مجموعة من التساؤلات حول مفهوم العلاقات ومحدداته المختلفة، ثم تنطلق لرصد التحديات التي تسهم في رسم صورة هذه العلاقات واقعيا، وتتطرق في هذا الصدد إلى التحديات التي يفرضها النظام الدولي، واختبارات التعامل مع القوى المختلفة في النظام الدولي، ثم تحلل ما تسميه إشكالية المقبولية الدولية للحركات الإسلامية، وترى الورقة أن ثمة جملة من التساؤلات تحتاج إلى جملة أخرى من الإجابات بحيث تتحدد الصورة الكلية التي فيها يتحدد (موقعك وموقع الخصم وسبل النجاح بعد تحديد المخاطر والفرص والسلبيات والإيجابيات). وتذكِّر الورقة أخيرا بضرورة الإجابة المحددة على هذه التساؤلات واضعة بالاعتبار أن الربيع ربيعنا إن أحسَنَّا حصادَه، والفرص لا تأتي إلا مرة واحدة كل قرن، وها هي بين أيدينا. وتتناول خاتمة الكتاب بإيجاز خمسة متغيرات حاسمة بالنسبة لمستقبل الإسلاميين في الحكم، وهي تلخص بإيجاز ما ورد في هذا الكتاب.